بعد نوبة قلبية، يمكن أن يمرّ النّسيج المصاب بعمليّة تندّب وبالتّالي إلحاق المزيد من الضّرر للقلب. هناك علاج اختُبِر على الفئران لمحاولة إيقاف الاستجابة الالتهابيّة الضّارّة.
مرض القلب التّاجيّ هو السّبب الأوّل للوفاة في العالم: فقط في عام 2016، توفّي ما يقارب عشرة ملايين شخص بسبب أمراض القلب هذه. ينشأ المرض عندما تتقلّص الأوعية الدّمويّة الّتي تغذّي عضلة القلب (الشّرايين التّاجيّة) أكثر وأكثر نتيجة لتراكم الدّهون على جدرانها. هذه العمليّة، المعروفة باسم تصلّب الشّرايين، يمكن أن تؤدّي إلى آلام في الصّدر حتّى إلى نوبة قلبيّة إذا كان الانسداد كاملًا في الشّريان الّذي يوصل دمًا إلى القلب.
إحدى المشاكل الرّئيسيّة هي أنّه حتّى لو وصل المريض إلى المستشفى في الوقت المناسب وتلقّى علاجًا سريعًا، يمكن أن يتسبّب أذى للأنسجة عند تجديد تدفّق الدّم إليها، بعد عدم تلقّيها للأكسجين والموادّ الضّروريّة الأخرى لبعض الوقت. عندما يتجدّد تدفّقها، يمكن أن يتكوّن، بشكل مفارِق، التهاب يصيب الأنسجة ويؤدّي إلى فشل قلبيّ. في بعض الأحيان ينتشر هذا الالتهاب في أعضاء أخرى، ويمكن أن يؤدّي إلى تدمير الأنسجة على نطاق واسع أيضًا بعيدًا عن القلب.
للتّعامل مع هذه الصّعوبة، درست كريستين ريتز (Reitz) من مختبر تامي مارتينو (Martino) من جامعة جوولف في كندا آليّة تكوّن الالتهاب. في بحث نشر مجدّدًا في مجلة Communications Biology، حاول الباحثون منع العمليّة الالتهابيّة المدمّرة في فئران مريضة القلب. اِستندوا في بحثهم هذا إلى الفكرة السّائدة في هذا المجال مفادها بأنّ تقليل الاستجابة الالتهابيّة المبكّرة يحسّن من فرص البقاء على قيد الحياة بعد الفشل القلبيّ.
ومع ذلك، محاولات العلاج السّابقة ضدّ الاستجابة الالتهابيّة لم تكن مفيدة دائمًا لعمليّة إعادة التّأهيل بعد نوبة قلبيّة، لدرجة أنّها كانت ضارّة أحيانًا. على سبيل المثال، الهورمونات الغلوكوكورتيكوئيديّة، الّتي تستخدم كأدوية مضادّة للالتهابات، زادت من احتمال حدوث تمزّق في البطينين وتمدّد الأوعية الدّمويّة البطينيّة.
في الصّورة: الالتهاب الّذي يترك ندبة. أنسجة عضلة القلب بعد الانتعاش من نوبة قلبية | المصدر: Science Photo Library
ضبط السّاعة
قبل بضع سنوات، اكتشفت مارتينو آليّة دوريّة في القلب تلعب دورًا رئيسيًّا في تكوّن الالتهاب. هذه الآليّة هي جزء من السّاعة البيولوجيّة: دورة 24 ساعة تعمل في العديد من خلايا الجسم، وتمكّن من التّحكّم في العمليّات الّتي تحدث على مدار النّهار واللّيل. في البحث الجديد، قامت ريتز وزملاؤها بفحص تأثير التّدخّل في آليّة السّاعة البيولوجيّة على عمليّة تكوّن الالتهاب وإعادة التّأهيل بعد إصابات القلب.
اِستخدم الباحثون علاجًا دوائيًّا يسمّى SR9009 يوقف عمل بروتين معيّن فعّال في هذه الدّورة اليوميّة. كانت التّوقّعات أنّ إيقاف عمله سيمنع تكوّن الالتهاب. وفقّا لافتراضهم، ستكون النّتيجة أقلّ ضررًا للأنسجة ممّا يقلّل من خطورة الفشل القلبيّ.
في البداية، أعطى الباحثون الدّواء للفئران لمدّة خمسة أيّام بعد أن أُصيبوا بنوبة قلبيّة، ولاحظوا أنّ الفئران الّتي تلقّت الدّواء بالفعل عانت من أضرار في القلب أقلّ من الفئران الّتي لم تعالَج. أيضًا، كان أداء القلب في الفئران المعالَجة أفضل من الفئران غير المعالَجة على صعيد عدّة مقاييس مهمّة، منها: ضغط الدّم وحجم الدّم الدّاخل والخارج. بالإضافة إلى ذلك، اِنتشرت أضرار أقلّ للأنسجة القريبة.
لاحقًا، وجد الباحثون أنّ علاجًا ليوم واحد فقط يحسّن من مبنى القلب وأدائه، ويمنع من تدهور الوضع. عمليًّا، النّتائج بعد يوم واحد لا تختلف كثيرًا عن نتائج الفئران بعد خمسة أيّام من العلاج. يأمل الباحثون أن تدفعهم نتائجهم إلى المزيد من إجراء الأبحاث حول العلاقة بين السّاعة البيولوجيّة وعمليّة تندّب أنسجة القلب في الإنسان، وإلى تطوير أدوية تستهدف البروتين المشكوك فيه، بهدف تحسين فرص شفاء مرضى القلب.
الترجمة للعربيّة: د. ريتا جبران
التدقيق والتحرير اللغوي: د. عصام عساقلة
الإشراف والتدقيق العلمي: رقيّة صبّاح أبو دعابس