أمراض بلا حدود
الحُمّيات النّزفيّة، الحصبة والسّلّ

إيبولا في أوغندا

أعلنت أوغندا في أواخر كانون الثّاني، يناير 2025، عن اندلاع مرض الإيبولا في أراضيها، وذلك في أعقاب وفاة ممرّض يعمل في الطّواقم الطّبّيّة في مستشفى في العاصمة كمبالا. بدت أعراض مرض شبيه بالإنفلونزا على الممرّض في السّادس والعشرين من شهر يناير/ كانون الثّاني على نحو التّقدير. توفّي الممرّض في التّاسع والعشرين من يناير بعد أن عانى من النّزيف المرافق والمميّز لمرض الإيبولا، بعد أن حاول تلقّي العلاج لدى معالج تقليديّ وفي بعض المصحّات. كشفت الفحوصات الّتي أجريت بعد وفاته أنّه أصيب بفيروس سودان، الفيروس الأكثر فتكًا من بين فيروسات الإيبولا، الّذي تراوحت نسبة الوفيات نتيجة تفشّيه في الماضي ما بين 41 - 70 بالمائة. كان المريض على اتّصال ببضع عشرات من الأشخاص قبل وفاته، حسب ما هو معلوم حتّى الآن، من ضمنهم أبناء العائلة والعاملون الّذين عالجوه في الجهاز الصّحّيّ. ما زال مصدر نقل العدوى إليه مجهولًا. تثير حقيقة ظهور أوّل حالة إصابة بالمرض في العاصمة المزدحمة بالسّكّان قلقًا بالغًا، فعادةً ما يظهر هذا المرض في المناطق القرويّة والرّيفيّة. 

مرض الإيبولا هو حُمّى نزفيّة، شديدة العدوى، تنتقل عن طريق ملامسة سوائل جسم المريض، حتّى بعد وفاته. تظهر في بداية المرض أعراض عامّة، ثمّ تتنوّع الأعراض وتشتدّ حدّتها، والأكثر معروفًا منها هو النّزيف الدّمويّ من أيّ جزء ممكن من الجسم. توجد لقاحات ضدّ مرض الإيبولا، لكن لم تتمّ المصادقة بعد على استخدام اللّقاحات المعدّة لهذه السّلالة المعيّنة من الفيروس. 

اِستغلّت أوغندا اندلاع المرض الخطير لإجراء التّجارب على لقاح ملاءَم لهذا الفيروس تُعطى خلالها حوالي 2000 حصّة منه. سوف ينقذ نجاح التّجارب حياة أشخاص في هذه المرحلة من تفشّي المرض، وكذلك في اندلاعات محتملة مستقبليّة. الإيبولا هو مرض من مصدر حيوانيّ تحتضنه الخفافيش، لذلك لا يمكن القضاء عليه قضاء تامًّا، وإنّما يمكن لَجمه ومنع اندلاعه بين بني البشر. 

لا يوجد، حتّى الآن، لقاح تطعيم ضدّ فيروس سودان المسبّب للإيبولا. قد تُشكّل التّجربة الجديدة خطوة هامّة في الاتّجاه المرجوّ. دم مصاب بالإيبولا داخل أنبوب الاختبار | صورة توضيحيّة : BlurryMe, Shutterstock

الحُمّيات النّزفيّة

لا جديد بالنّسبة لاندلاع حُمّى ماربورغ مؤخّرًا في تنزانيا المجاورة لأوغندا. تُعدُّ حمّى ماربورغ أكثر فتكًا من حمّى الإيبولا، مع العلم أنّ أعراضهما وطريقة انتقال العدوى فيهما متشابهة. 

توفّي في الهند مريض بِحمّى القرم - الكونغو، وهي حمّى نزفيّة تشبه الإيبولا وماربورغ. نسبة عدواها، لحسن الحظّ، أقلّ من الإيبولا وماربورغ، وهي تكاد لا تنتقل من شخص لآخر بشكل مباشر.عادة ما يصيب هذا المرض الحيوانات، وقد ينتقل إلى الإنسان عن طريق القَراد، أو عن طريق ملامسة الشّخص دم الحيوان المصاب، مثلًا عند ذبحه. يكمن الخطر الأكبر بالإصابة بالمرض لدى العاملين في مجال تربية الحيوانات البيتيّة، وفعلًا، فقد عمل الشّخص المتوفّى في الهند بين الحيوانات. بادرت السّلطات هناك بالعمل على إبادة القراد، ولم تظهر أعراض المرض لدى أبناء عائلة المتوفّى حتّى الآن. 

لم ينتقل المرض حتّى الآن من شخص لآخر بشكل مباشر. صورة لفيروسات القرم - الكونغو (الملوّنة بالأزرق) التُقطت بمجهر الإلكترونات | المصدر: NATIONAL INSTITUTE OF ALLERGY AND INFECTIOUS DISEASES, NATIONAL INSTITUTES OF HEALTH / SCIENCE PHOTO LIBRARY

حَصبة في أمريكا الشّماليّة 

شُخّص أربعة مرضى على الأقلّ بالحصبة في تكساس، في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، تزامنًا مع الهبوط الحادّ في نسبة التّطعيمات في البلاد. لم يتلقّ الأشخاص الأربعة، اِثنان منهم في جيل المدرسة واِثنان بالغان، التّطعيم، وذلك وفقًا لما أفادته التّقارير. يبقى فيروس الحصبة، في حال "أفرغه" شخص مصاب 

في هواء غرفة أو مبنى مغلق ثمّ غادرها، نشطًا وفعّالًا مدّة ساعتين تقريبًا، فيبقى الأشخاص عرضة للإصابة به إذا تواجدوا في مكان مثل هذا لهذه الفترة من الزّمن، ذلك ما يجعل المرض بالفيروس هو الأكثر عدوى من بين الأمراض المعروفة للإنسان. التّطعيم ضدّ الحصبة هو واحد من التّطعيمات الرّوتينيّة، وتقي الحصّتان من اللّقاح الشّخص الّذي يتلقّاها وقاية تكاد تكون مطلقة. تصل نجاعة اللّقاح لدرجة يختفي معها المرض كلّيًّا في المناطق الّتي يتلقّى اللّقاح فيها كلّ مَن يقدر عليه. يعود المرض ويظهر سريعًا جدًّا، فهو من بين الأمراض الأكثر سرعة في الظّهور من جديد، عند الهبوط الحادّ في تلقّي التّطعيمات، بسبب الوتيرة العالية للعدوى منه.

اكْتُشف مرض الحصبة لدى أشخاص في كندا أيضًا، وانكشف الكثير من الأولاد للمرض في مستشفيين. يشكّل تعرّض الأولاد ذوي جهاز المناعة الضّعيف بسبب أمراض أخرى أو بسبب علاج أمراض أخرى، أو الأولاد الّذين يمنع تلقّيهم اللّقاح الحيّ - المُضْعَف ضدّ الحصبة بسبب حالتهم الصّحّيّة، أمرًا بالغ الخطورة. تدلّ مثل هذه الحالات على مدى أهمّيّة تلقّي الأولاد الأصحّاء اللّقاح ضدّ الحصبة. يقي الأولاد المُطَعَّمون أنفسهم وزملاءهم وأولاد حارتهم من الحصبة أيضًا. يتلقّى الأطفال في البلاد التّطعيم ضدّ الحصبة في جيل سنة وفي الصّفّ الأوّل (جيل 6 سنين).

 من الأمراض الّتي تعود لتظهر من جديد بأكبر سرعة عند الهبوط الحادّ في نسبة التّطعيم بين السّكّان. الانتفاخات النّموذجيّة في الجلد لدى مرضى الحصبة | صورة توضيحيّة : Lolapetrova, Shutterstock 

سلٌّ (تدرُّن) في الولايات المتّحدة الأمريكيّة 

تمّ اكتشاف حالة نادرة من السّلّ (التّدرُّن) في مدرسة ثانويّة في بلدة كالامازو في ولاية ميشيغان في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. رُسمت خريطة لدائرة الانكشاف للمرض بعد إجراء التّحقيق الوبائيّ وذلك لاتّخاذ قرار بشأن الأشخاص الّذين سيُعطى لهم علاج وقائيّ ضدّ المرض. يؤثّر مرض السّلّ، الّذي تسبّبه بكتيريا، عادةً على الرّئتين، إلّا أنّه قد يصيب أعضاء أخرى في الجسم. كان مرض السّلّ في الماضي من أكثر العوامل المسبّبة للموت في العالم. يُعالَج المرض اليوم عادةً بالمضادّات الحيويّة، ويتطلّب العلاج فترة طويلة ومتواصلة من تناول الدّواء دون توقّف، لمنع تطوّر بكتيريا مقاومة للمضادّات الحيويّة. كما أنّه يوجد لقاح متوفّر ضدّ السّلّ إلّا أنّ نجاعته محدودة. أُعطي هذا التّطعيم في البلاد في الماضي، ثمّ أُزيل من برنامج التّطعيمات قبل سنين عديدة، بعد أن هبط انتشار المرض هبوطًا حادًّا. أمّا في البلاد الّتي ما زال المرض فيها منتشرًا فيعطى فيها التّطعيم كواحد من التّطعيمات الرّوتينيّة.