116 عامًا على ميلاد هانس أدولف كريبس مُكتشِف دورة كريبس و دورة اليوريا

 هانز أدولف كريبس (Krebs، وينبغي عدم الخلط مع هانز كريبس، آخر قائد أركان لجيش ألمانيا النازية، أو ضابط الإس.إس الكبير الذي يحمل اسمًا  مشابهًا) أحد كبار البيوكيميائيين، وُلِدَ في 25 أغسطس سنة 1900 في هيلدسهايم في ألمانيا، لعائلةٍ يهودية. بدأ في دراسة الطب في جامعة جوتنجن عندما بلغ الثَّامنة عشرة من عمره، وبعد ذلك بسبع سنوات  حصل على شهادة الدكتوراة من جامعة هامبورج. في العام ذاته، 1925، بدأ دراسة الكيمياء في معهد كايزر فيلهلم للبيولوجيا في برلين وكان مساعد بحث للبيوكيميائي الكبير الحائز على جائزة نوبل، أوتو فاربورغ. 

 في العام 1930، وعلى ما يبدو بسبب علاقته  المعقدة مع فاربورغ الذي ادّعى أن مُساعده "لن يصبح بيوكيميائيًّا جيدًا أبدًا"، انتقل كريبس للعمل في مجال الطب في مدينة فرايبورغ  وواصل أبحاثه في أوقات الفراغ. ولكن في غضون ذلك تعاظمت قوة النازيين، وبعد فترة قصيرة من استلام النازيين دفة الحكم في ألمانيا، سنة 1933 ،  اضطر الطبيب اليهودي إلىترك وظيفته.  

مِن حُسْن حظ كريبس أن بيوكيميائيًّا آخرَ ، البريطاني فريدريك جولاند هوبكنز الحائز على جائزة نوبل، ساعده وأقنعَ جامعة كامبريدج أن تستوعبه في صفوفها. انتقل كريبس سنة 1935 إلى جامعة شفيلد وعمل فيها ما يقارب العقدين من الزمن، وصفهما  بأنهما أجمل سنوات حياته. انتقل إلى جامعة أوكسفورد في العام 1954 وبقي فيها حتى اعتزل سنة 1967، واستمر بعد ذلك في العمل في مشفى رادكليف حتى وفاته سنة 1981. 

 

الاكتشافات المهمة

الاكتشاف المهم الأول أنجزه كريبس  في العام 1932، أثناءالفترة القصيرة التي مكثها في فرايبورغ - الدائرة البيوكيميائية التي تُسَمَّى "دورة اليوريا". إنها  الآلية الفيزيولوجية التي تمَكّننا من التخلّص من الأمونيا، التي هي عبارة عن مادة ناتجة سامة مرافقة لعمليات الأيض.  

لقد نجح كريبس، بواسطة  الأساليب التي تعلمها في مختبرات فاربورغ، في أن يُبيّن أن اليوريا تنتج من الأمونيا في خلايا الكبد. تجري اليوريا من الكبد إلى الدورة الدموية حتى تصل إلى الكِلى. حاز كريبس بفضل اكتشافه هذا على الشهرة والإشادة العالمية،  وقد يكون هذا الاكتشاف قد أنقذ حياته، حين أصرّ هوبكنز على تخليص كريبس من براثن النازية في أعقاب الاهتمام الأكاديمي الذي حظي به. 

ولكن الشهرة الأكبر أتته من اكتشاف دورة حمض الليمون التي يعرفها كل  طالب جامعي في موضوع علم الأحياء باسم "دائرة كريبس". عمليات هذه الدائرة التي تجري في عضيّات داخل الخلية تُسمى الميتوكوندريا، تُشكّلُ مرحلةً بينيةً من ضمن مراحل عملية التنفس الخلوي. "تستوعب" هذه الدائرة مواد بينية تنتج من عملية تحليل السكر داخل الخلية، وبسلسلة تفاعلات كيميائية دورية (أي أن المادة الأولى التي تنتج في الدائرة تكون، أيضًا، هي المادة الأخيرة التي  تعود وتدخل إلى الدائرة)، تَنتج مواد بينية جديدة ضرورية لموزون طاقة الخلية وتستعمل في عمليات أيضية أخرى. . تنتقل بعض المواد الناتجة إلى المرحلة التالية والنهائية من عملية التنفس الخلوي التي يشترك فيها الأكسجين. 

أجرى كريبس بحثه على خلايا عضلات أُخِذت من صدر حمامة، ونجح سنة 1937 ، هو وزميله ويليام جونسون من جامعة شفيلد، في التعرف على جميع المواد الناتجة في الدائرة. في العاشر من يونيو سنة 1937 أرسل كريبس وجونسون مقالةً حول الموضوع إلى المجلة العلمية المرموقة Nature . بعد أربعة أيام تلقى كريبس رسالة رفض مُشوَّشة، واضطر إلى إرسال المقالة إلى المجلة الهولندية Enzymologia. اعترف مُحَرّرو Nature فيما بعد بأن رفضهم المقالة كان "الخطأ المُخجِل الأكبر في تاريخ المجلة".

جاء "انتقام" كريبس متكاملاً - فقد حصل على جائزة نوبل في العام 1953 بفضل مقالته، وتقاسم الجائزة مع زميله السابق فريتس ليبمان من معهد كايزر ويلهلم - وهو، أيضاً، يهودي ألماني كان قد نجا من براثن النازية.

 بالإضافة لدائرة اليوريا ودائرة حمض الليمون، اكتشف كريبس و البيوكيميائي الذي ترعرع على يديه هانز كرونبرغ (وهو، أيضًا، يهودي كان قد فرَّ من النازيين عندما كان عمره أحد عشرعامًا ، تاركًا والدَيْه خلفه) دائرةً بيوكيميائية أخرى أقل شهرةً - دائرة الجليوكسيلات.  هذه الآلية تشبه دائرة حمض الليمون ولكنها تحدث لدى البكتيريا والنباتات ولا تحدث لدى الحيوانات. 

تابع  كريبس أعماله العلمية حتى اليوم الأخير من حياته تقريبًا، وحتَّى بعد اعتزاله من جامعة أكسفورد نَشَرَ حوالي مائة مقال.   ابنه، البارون جون كريبس، أصبح هو أيضًا خبيراً عالميًّا في علم الطيور (الأورينثولوجيا).

 

 

 

 

الترجمة للعربيّة: خالد مصالحة
التدقيق اللغوي: خالد صفدي

 

0 تعليقات