تمكن العلماء من إعادة تطوير كماشات الروبيان وإكسابها القدرة على إنتاج البلازما في الماء بشكل اصطناعي

 

ابتكر باحثون من تكساس جهازًا ميكانيكيًا مستوحًى من مخلب حيوان الروبيان ذي المسدّس ، بحيث يمتلك هذا الجهاز القدرة على إنتاج الموجات العالية والبلازما تحت الماء. الروبيان ذو المسدّس، هو حيوان مائي من فصيلة المفصليات على غرار الروبيان أو الجمبري المعروف، ويشتهر أساسا بصوت القرع الذي يصنعه. لدى ذي المسدّس زوج من المخالب المتماثلة، أحدهما أكبر بكثير من الآخر. لا يستخدم ذو المسدّس مخلبه الأكبر للإمساك بفرائسه ولكنه بالأساس  ينتج بواسطته موجات صوتيةً قويةً وذلك بفضل مفصله وعضلاته القوية التي تمكنّه من إغلاق مخلبه بقوة وسرعة كبيرة مُحدثةً صوتَ القرع العالي.

تؤدي الحركة السريعة للمخلب إلى حدوث تيار قوي من الماء، مما يخلق فقاعات في مناطق تكون تحت ضغط منخفضٍ لحظيٍّ للماء، خلال عملية تسمى التكهُّف. يؤدي الاختلاف الكبير في الضغط بين الفقاعات والمياه المحيطة بها إلى انفجارها بسرعة إلى الداخل، مما يخلق موجة صادمةً قويّة في الماء. تبدو هذه الموجات الصادمة  وكأنها صوت قرعٍ عالٍ يمكن ملاحظته عند الغوص بين الشعاب المرجانية ، خاصة في المناطق الاستوائية. قوة الانفجار كبيرة بما يكفي لقتل الكائنات البحرية الصغيرة التي يتغذى عليها الروبيان. يستخدم الروبيان ذو المسدّس صوت القرع هذا كوسيلة حماية من الحيوانات المفترسة، أو كوسيلة للتواصل مع أقرانه من الروبيان، على سبيل المثال لتحذير الروبيان الخصم أو دعوته لمعركة على للحفاظ على مساحة سيطرته في الماء.

الصوت المزعج الذي يصنعه الروبيان ذو المسدّس مسؤولٌ من ناحية أخرى عن ظواهر فيزيائية المثيرة للاهتمام. يصاحب انفجار الفقاعات التي تنشأ أثناء عملية القرع حرارة كبيرة، بحيث تصل درجة حرارة الماء إلى أكثر من 4000 درجة مئوية. تخلق الحرارة الهائلة البلازما - وهي حالة خاصة من الذرات المشحونة - كما يحدث عندما يفرق البرق الهواء أثناء العاصفة. تمامًا مثل البرق، تنبعث من البلازما الناتجة عن الحركة ومضات ضوئيّة.

في دراسة أُجريت في جامعة تكساس A&M بالولايات المتحدة،  قام العلماء بتربية حيوان الروبيان ذي المسدّس في حوض مائيّ لعدة أشهر وجمعوا بشكل دوري قشرة المخلب التي تتساقط بشكل طبيعي لبحث شكلها دون إلحاق الأذى بالروبيان. قاموا بتعديل شكل المخلب باستخدام التصوير المقطعي (نوع من الأشعة السينية ثلاثية الأبعاد) بتضخيم عالٍ، من أجل دراسة آليته. اكتشف الباحثون أن المفصل مبني كإصبع عالق في أخدود، وتنمو من تحته عضلات قوية تقوم بشحن المخلب وتفعيل قوّة على المفصل حتى يقوم بالطرق بشكلٍ قوي. وفقًا لتخمين الباحثين، أثناء عمليّة التطور، تكّثف "التشوه" إن صح التعبير الذي يمنح المخلب قوّة القرع في جهةٍ معينةٍ وبالتالي تركّزت القوة فيها لتكسبها نشاطًا أكثر كفاءة.

وفقًا لرسم خرائط الزردية، قام الباحثون بإعداد نمط ثلاثي الأبعاد للمخلب واستبداله بجهاز خلق العضلات النابضة في نوابض ملتوية مماثلة لتلك الموجودة في مصائد الفأر. ثم قاموا باختبار قدرة وعمل المخلب الاصطناعي باستخدام كاميرا فيديو سريعة تستطيع التقاط 60،000 إطار في الثانية. لقد وجدوا أن المخلب يتحرك بسرعة تصل إلى حوالي 70 كم / ساعة وتدفق تيار الماء الناتج عن هذه الحركة يصل إلى سرعة 130 كم / ساعة، كما وتظهر بوضوح فقاعات تتحلل وتشكل موجات صادمة. استطاعت المستشعرات الحساسة رصدَ وميض الضوء المصاحب لعملية الاصطدام - مما يعطي دليلًا على تكوين البلازما أثناء إحداث المخلب الاصطناعي لحركة القرع.

رأى الباحثون بأن إنتاج البلازما تحت سطح الماء بواسطة المخلب الاصطناعي هو أكثر فعالية من الطرق الأخرى القائمة،  التي تعتمد بشكل رئيسي على خلقِ جهد عالٍ أو استخدام الليزر. يمكن أن تخدم البلازما المنتجة في الماء في سلسلة من الاستخدامات - على سبيل المثال في أجهزة تنقية المياه من البكتيريا، أو في العلاج الطبي للأمراض الجلدية وتطهير الجروح والحروق المفتوحة. هذه الدراسة هي مثال مثير للاهتمام على المحاكاة الحيوية - تطوير التقنيات التي تحاكي الآليات والمواد الفريدة الموجودة في النباتات والحيوانات، بهدفِ تسخير الأساليب التي طورتها الطبيعة خلال عمليّة التطور.

 

 

 

 

الترجمة للعربيّة: رقيّة صبّاح

0 تعليقات