لقد تحسّنَت نشرات الأحوال الجوّيّة الّتي تتنبّأ بحالة الطّقس على مرّ السّنين؟ لكن، هل نفهمها كما يجب؟ ما معنى أنّ احتمال هطول الأمطار هو بنسبة 40 بالمائة؟

هكذا ابتلّ جسدي مرّةً، ووصل البلل نخاعي العظميّ: تردّدت كثيرًا، هل أحمل مظلّتي (شمسيّتي) معي في أحد أيّام الخريف، إذ كانت السّماء غائمة جزئيًّا. أطلّت الشّمس يومها من شبّاك غرفتي، وتوقّع الرّاصد الجوّيّ أنّ احتمال هطول الأمطار في المدينة في السّاعة القريبة لا يتعدّى نسبة عشرين بالمائة. قرّرتُ، بناءً على ذلك، أن أترك المظلّة في البيت وخرجت. اِكفهرّت السّماء خلال وقت قصير واجتاح المدينة طوفان هائل. هل أخطأ الرّاصد الجوّيّ في تنبّئه؟ وماذا تعني نسبة العشرين بالمائة لاحتمال هطول الأمطار؟ 

لستم الوحيدين، فالكثيرون ليسوا على ثقة بأنّهم يفهمون ما المقصود بهذه النّسبة. أخطأ معظم المشاركين في دراسة أُجريت في الولايات المتّحدة الأمريكيّة في تفسير المصطلح "اِحتمال هطول الأمطار"، على الرّغم من أنّهم كانوا طلّابًا جامعيّين مثقّفين. وأظهرت دراسة أخرى أنّ الرّاصدين الجوّيّين أنفسهم لا يُعَرِّفون المعطيات بشكل دقيق. ندعوكم لِفحص مدى فهمكم نشرة الرّاصد الجوّيّ من خلال الإجابة عن الأسئلة في الاستبيان القصير التّالي، نشرح بعدها معنى المصطلح "اِحتمال هطول الأمطار". هيّا، لنرى هل ستُفلِحون أكثر من طلبة الجامعة الأمريكيّين.

أشارت نشرة الأرصاد الجوّيّة إلى أنّ نسبة احتمال هطول الأمطار في مدينة القدس غدًا هي 40 بالمائة:

 
 
 

هل يُستحسَن التّزوّد بالمظلّة؟

يستخدم راصِدو الأحوال الجوّيّة القياسات والنّماذج المحوسبة للتّغيّرات في حالات الجوّ كي يكون تنبّؤهم لحالة الطقس في الأيّام القادمة دقيقًا جدًّا. على الرّغم من ذلك، كثيرًا ما تكون نشرة الأحوال الجوّيّة المتوقّعة مقتضبةً، وتعتمد على القليل من المعطيات.

تُسمّى نسبة هطول الأمطار الّتي ترد في النّشرة الجوّيّة بِـ "اِحتمال هطول الأمطار أو الرّواسب" (Probability of Precipitation)، أو بمصطلح أقلّ دقّة: "اِحتمال المطر". تُحسب نسبة احتمال هطول الأمطار في منطقة جغرافيّة محدّدة وفي مجال زمنيّ معيّن، مثلًا: غدًا في مدينة القدس، أو بين السّاعة الثّامنة والتّاسعة صباحًا من بعد غد في النّقب الغربيّ. يعبّر ذلك عن احتمال هطول كمّيّات قابلة للقياس من الرّواسب، وذلك في نقطة عشوائيّة من المنطقة الجغرافيّة المعيّنة، في الفترة الزّمنية المناسبة، مثلًا احتمال هطول أكثر من 0.1 ملم من المطر غدًا في نقطة ما في مدينة لندن. تختلف قليلًا كمّيّة الرّواسب القابلة للقياس بين دولة وأخرى، وبين هيئات الأرصاد الجوّيّة، وهي تتراوح غالبًا ما بين 0.1 و 0.254 ملم (ما يعادل 0.1 إنش). هذه، أيضًا، أقلّ كمّيّة من المياه القادرة على تكوين الهُوق المائيّة. 

إذا كانت نسبة احتمال هطول الرّواسب، حسب نشرة الأحوال الجوّيّة، في مدينة القدس غدًا أربعين بالمائة، ذلك يعني أنّه إذا تواجدتم في حديقة الورود غدًا طوال النّهار، فإنّ احتمال هطول كمّيّة من الأمطار قابلة للقياس أربعون بالمائة. تنطبق هذه النّسبة على مواقع أخرى في مدينة القدس. اِحتمال عدم هطول الرّواسب في حديقة الورود أو في أيّ مكان من مدينة القدس غدًا ستّون بالمائة. 


هل هطل المطر أم لم يهطل؟ يعني التّنبّؤ بهطول الأمطار احتمال هطول كمّيّة من الأمطار من شأنها أن تُخلّف الهُوق المائيّة خلال المدّة الزّمنيّة المذكورة في نشرة الأحوال الجوّيّة، وفي نقطة عشوائيّة من المنطقة المذكورة فيها | التّخطيط: يوڤال روزنبرݞ

 

توضّح لنا خدمات الأحوال الجوّيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة كيفيّة حساب احتمال هطول الرّواسب: درجة الثّقة في تنبّؤ الأحوال الجوّيّة - اِحتمال هطول الأمطار فعلًا - مضروبة بالنّسبة المئويّة من المساحة الّتي يُتوقّع هطول الرّواسب عليها. يمكن أن يعبّر هذا الاحتمال عن حالات مختلفة. مثلًا، يمكن أن يُعبّر الاحتمال بنسبة 40 بالمائة لهطول الأمطار في مدينة القدس عن حالة تقترب فيها عاصفة من البلاد، وهناك احتمال بنسبة 40 بالمائة أن تصل إلى مدينة القدس، وسوف تهطل الأمطار بشكل مؤكّد على كلّ أرجاء مدينة القدس في حال وصلت إليها العاصفة فعلًا.  ويمكن أن تعبّر نسبة الأربعين بالمائة لهطول الأمطار في مدينة القدس، أيضًا، عن حالة يكون فيها احتمال هطول الأمطار 80 بالمائة، ويتوقّع أن تغطّي هذه الأمطار نصف مساحة المدينة فقط، في حال هطلت فعلًا. الأربعون بالمائة في كلتا الحالتين هي حاصل ضرب احتمال هطول الأمطار غدًا في مدينة القدس بمقدار المساحة من المدينة التي ستُغطّيها الأمطار، في حال هطلت فعلًا. 

ببساطة، إذا تواجدنا في الخارج، في المكان وفي السّاعة الّتي حُدِّد فيها احتمال هطول الرّواسب بنسبة 40 بالمائة، حسب نشرة الأرصاد الجوّيّة، فإنّ احتمال اضطرارنا إلى استخدام المظلّة لنقي أنفسنا من البلل هو 40 بالمائة. وإذا كان احتمال هطول الأمطار هو 90 بالمائة، يكون هذا الاحتمال لاستخدام المظلّة. لا ينبئ هذا المعطى وحده، على الرّغم من ذلك، هل سَتهطل الأمطار طوال ساعة تواجدنا أو خلال جزء منها، وهل سيهطل المطر في جميع أنحاء المدينة أو في جزء منها، وهل سيكون المطر شديدًا أم خفيفًا. يتبقّى علينا أن نهتمّ ونفحص، على ضوء الموديلات والتّجربة ممّا مضى، ما هو الاحتمال أن ننسى المظلّة في الأوتوبيس، أو في مكان العمل، أو في القطار أو في المقهى، لنتّخذ القرار هل يستحسن أن نحملها معنا أم لا. 

0 تعليقات