رغم أنّ النّساء الكبيرات في السّن مُعرّضاتٌ للإصابة به بشكل خاصّ، إلّا أنّ مرض هشاشة العظام يمكن أن يؤثّر في أيّ شخص. فما هي أسبابه وكيف يمكن الوقاية منه؟

مرض هشاشة العظام هو انخفاضٌ في نسبة كثافة العظام، ما قد يؤدّي إلى حدوث كسور في العظام. ومع أنّ المرض معروفٌ كمرض نسائيّ بعد سنّ اليأس، إلا إنّه يصيب الرّجال أيضًا وحتّى الصّغار. رغم ذلك، من الممكن الحدّ من خطر الإصابة بهشاشة العظام، عن طريق ممارسة الرّياضة بانتظام، وتناول الغذاء الصحيّ وتجنّب والتدخين. 

تتكوّن عظامنا من نوعين من الأنسجة: النّسيج العظميّ المضغوط (الكثيف) وهي الطّبقة الخارجيّة والصّلبة، والنّسيج الإسفنجيّ وهو الجزء الداخليّ للعظام. ويُدعى بالإسفنجيّ بسبب شكله النّاعم والمليء بالمسامات. مبنى العظام الخاصّ يجعله قويًّا وخفيفًا جدًّا. هنالك دورٌ مهمّ للعظام في أجسامنا: فهي تشكّل الهيكل العظميّ الّذي يحمل جميع الأعضاء ويحميها، وتقوم بتفعيل حركات الجسم بمساعدة العضلات. إنّ العظام ليست خامة حيويّة ثابتة وغير متغيّرة يُبنى عليها الجسم، لكنّها نسيج حيّ تمرّ في عمليّة مستمرّة من التفكيك والبناء. عندما تتشكّل العظام في عمليّة بناء الهيكل العظميّ عند الأجنّة، فإنّ معدّل بنائها يتجاوز معدّل تفكّكها. يستمرّ هذا الحال حتّى تصل كتلة العظام إلى ذروتها في جيل 35 سنة تقريبًا. يتساوى بعد ذلك معدّل تنخّر العظام ومعدّل بنائها، وفي النّهاية يصبح معدّل التنخّر أسرع من معدّل البناء، وينعكس ذلك في انخفاض كثافة العظام وكتلتها. إذا تمّت عمليّة التنخّر بسرعة عالية، فإنّ الفراغات في الأنسجة الإسفنجيّة تكبر، وقد تصبح العظام هشّة وتنكسر بسهولة في عمليّة تُدعى تخلخل العظام، أو osteoporosis (أصل الاسم من الكلمات اليونانيّة "osteo"- عظم، و "porosis"- ثقوب صغيرة).

هناك نوعان من الخلايا المسؤولة عن تحليل وبناء العظام- خلايا مدمّرة للعظام- ناقضات العظام "osteoclasts"- وهي تفتّت العظام الناضجة، والخلايا المكوّنة للعظام- بانيات العظام "osteoblasts" الّتي تصل إلى منطقة العظام وتعيد بناءها.

אילוסטרציה של עצם בשלבים שונים של אוסטאופורוזיס | Crevis, Shutterstock
عندما تحدث عمليّة التفتّت بسرعة كبيرة، تكبر الفراغات في الأنسجة الإسفنجيّة، وقد تصبح العظام هشّة. رسم توضيحيّ لعظم في مراحل مختلفة من مرض هشاشة العظام | Crevis, Shutterstock

خطر الكسور

تنتج هشاشة العظام جرّاء مجموعة من العوامل الوراثيّة والبيئيّة. تظهر بشكل أكبر عند النّساء بعد سنّ اليأس، وذلك بسبب انخفاض مستوى هرمون الأستروجين الجنسيّ الأنثويّ، وهو مهمّ للغاية للسيطرة على عمليّة تفتّت العظام. لكن لا مجال للخطأ: المرض ليس نادرًا عند الرّجال أيضًا. في هشاشة العظام مكوّن وراثيّ: قد تُسهم عدّة جينات في تطوّر المرض، من ضمنها جينات تؤثّر في امتصاص الكالسيوم في الجسم، وجينات مسؤولة عن تكوين البنية الفريدة للعظام، والجينات المتعلّقة بوظيفة الخلايا الّتي تشكّل العظام.

بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من العوامل الخطيرة الأخرى الّتي تساعد في الإصابة بمرض هشاشة العظام، من بينها تناول الستيرويد، والتدخين، ونقص في التّغذية وقلّة النّشاط البدنيّ. هناك نوعان من هشاشة العظام. تنتج هشاشة العظام الأوليّة بسبب الترقّق الطبيعيّ للعظام مع تقدّم العمر، بينما تنتج هشاشة العظام الثانويّة بسبب أمراض، أو أورام، أو قلّة النّشاط البدنيّ أو كأثر جانبيّ لتناول الأدوية. هناك أيضًا حالات هشاشة العظام عند الأطفال، تنتج عن استخدام مطوّل بالستيرويد، أو سوء تغذية أو أمراض. يُسبّب التّرقّق في العظام إلى ضعفها وحينها تكبر المسامات في العظام الإسفنجيّة. لا يؤدّي الترقّق في العظام إلى الشّعور بالألم، ولكنّ الضّعف الّذي يصيبها يؤدّي إلى حدوث الكسور. 

אילוסטרציה של תאים אלו על פני העצם | Orthoclick, Science Photo Library
تقوم ناقضات العظام بتفتيت العظم النّاضج، وتقوم بانيات العظام ببنائه من جديد. رسم توضيحيّ لهذه الخلايا على سطح العظام | Orthoclick, Science Photo Library 
 

طرق الوقاية والعلاج

يُعرف مرض هشاشة العظام باسم "تسرّب الكالسيوم"، ولكن لا يوجد إجماع حول تأثير تناول مكمّلات الكالسيوم في مرضى هشاشة العظام. لم يتمّ العثور على علاقة مباشرة بين تناول مكمّلات الكالسيوم وانخفاض خطر الكسور في الجيل المتقدّم، ولم يتمّ العثور على زيادة واضحة في كثافة العظام عند المرضى الّذين تناولوا مكمّلات الكالسيوم. ومع ذلك ما زالت إدارة الغذاء والدّواء الأمريكيّة (FDA) تُوصي مرضى هشاشة العظام باستهلاك الغذاء الّذي يحوي الكالسيوم وفيتامين D، الّذي يزيد من امتصاص الكالسيوم، والإقلاع عن التدخين وممارسة الرياضة البدنيّة. 

لقد تطوّر علاج المرض في عدّة اتّجاهات في السّنوات الأخيرة. هناك علاجات تركّز على منع نشاط الخلايا مدمّرة العظام، وعلاجات لتسريع عمليّة البناء أو تغيير المسارات البيولوجيّة المتعلّقة بصحّة العظام، وهي تشمل عقاقير تعتمد على الأجسام المضادّة وعلى جزيئيّات صغيرة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الباحثين يجرون دراساتٍ في الطبّ المعدّل شخصيًّا من أجل علاج المرض. حتّى الآن، لم يتمّ العثور على علاج يعيد العظام إلى حالة الشّفاء أو علاجات توقف تطوّر المرض كليًّا، لكنّ قدرات الفحص والبحث العلميّ تتطوّر وهنالك تفاؤل واضح بين العلماء في هذا المجال. 

أصبح مرض هشاشة العظام أكثر انتشارًا بمرور الوقت. مع زيادة متوسّط العمر، وازدياد عدد الأشخاص الّذين يصلون إلى أعمارٍ متقدّمة جدًّا، تزداد أيضًا أمراض الشيخوخة. تقدّر إحدى الدّراسات أنّه بحلول سنة 2035م سيزداد معدّل الكسور في العظام بحوالي %20، وبحلول سنة 2040م سيزداد نسبتها وتصل إلى %35. على الرّغم من الوعي بذلك، والإدراك أنّ عدد كبار السنّ وعدد الكسور الناتجة عن ترقّق العظام في ازدياد مستمرّ، تُبذل جهود كبيرة لإيجاد علاجات وأدوية جديدة لترقّق العظام. تشير التّقديرات إلى أنّه في السّنوات العشر المقبلة، سيتحسّن علاج المرض مع التّقدّم في تطوير الأدوية المعدّلة شخصيًّا. 

كما تتحسّن أيضًا قدرات التّشخيص المبكّر، وسيكون التّشخيص المبكر في السّنوات العشر المقبلة متاحًا بشكلٍ أكبر لجميع السّكان. كما ستساعد هذه التّحسينات بشكل كبير في تأخير تطوّر المرض لدى الشّباب وكبار السّن. 

لا يزال العلاج الوقائيّ أهمّ وسيلة للوقاية من الكسور، لذلك من المهمّ زيادة الوعي حول بناء كتلة العظام في جيل مبكّر. وقد ربطت الدّراسات بين نمط حياة نَشِط وبين كتلة عظميّة عالية: حيث تحفّز الرّياضة والحركة على بناء العظام وتحسّن كثافتها في جميع الأعمار، وتساعد في وضع أسس جيّدة لاستمرار الحياة. يُوصى بممارسة الرّياضة، وتجنّب التّدخين، وتناول طعام متنوّع، وبشكل عامّ يوصى بالاعتناء بأجسامنا اليوم- من أجل تحسين جودة حياتنا في المستقبل. 

 

0 تعليقات