تمكّن العلماء من هندسة طماطم تُزوّد متناوليها بفيتامين (د)- وهو مكمّل غذائيّ مهمّ في المناطق ذات مستوى أشعّة شمس منخفضة في العالم، أو للأشخاص الّذين لا يتناولون الأطعمة الحيوانيّة

تُعتبر الطماطم نباتيًّا فاكهة رغم تسويقها كخضراوات. وهي لا تُعتبَر من الخَضراوات الشعبيّة جدًّا في المطبخ فقط، ولكنّها أيضًا مصدر غنيّ وصحيّ للعديد من المكوّنات المهمّة لصحّتنا، مثل فيتامين ج (Vitamin C) والبوتاسيوم. أفاد العلماء من خلال مقال نُشر مؤخّرًا في المجلّة العلميّة (Nature Plants)، أنّهم تمكّنوا بواسطة الهندسة الوراثيّة من تطوير طماطم تحوي أيضًا كميّة كبيرة من فيتامين د- وهو مكمّل مهمّ بشكلٍ خاصّ للنظام الغذائيّ للأشخاص الّذين لا يتعرّضون للشمس بشكل يوميّ. تُعتبَر الفيتامينات من المركّبات العضويّة الأساسيّة للقيام بوظائفنا، والّتي لا نستطيع إنتاج غالبيّتها بأنفسنا ويجب استهلاكها من خلال الطعام الّذي نتناوله. يُعتبَر فيتامين "د" مهمًّا لسير عمل الجهاز المناعيّ والدماغ، وكذلك للحفاظ على عظامنا وأسناننا.

يستهلك الإنسان -في المعدّل- ​​حوالي خُمس الكميّة اليوميّة المُوصَى بها من فيتامين "د" من الأطعمة الحيوانيّة، مثل الأسماك ومُنتَجات الألبان والبيض واللحوم. بالإضافة إلى ذلك، على عكس الفيتامينات الأخرى، فإنَّ الجسم قادر على إنتاجه بمفرده عندما يتعرّض للأشعّة فوق البنفسجيّة من الشمس. وبالرغم من ذلك، فإنَّ العديد من مناطق العالم ليس لديها ما يكفي من ضوء الشمس، خاصّة في موسم البرد، كما أنّ نمط الحياة الحديث أيضًا يُشجّع على العمل المكتبيّ الّذي لا يمكّن من التعرّض الطويل لأشعّة الشمس؛ لذلك من المهمّ تطوير مصادر غذائيّة غنيّة بفيتامين "د".

تحوي معظم الخضروات والفواكه نسبة منخفضة جدًّا من فيتامين "د". ومع ذلك، تُنتِج النباتات من عائلة الباذنجانيّات (Nightshade) مثل الطماطم البروفيتامين "د". أمّا البروفيتامين "د" فهو مركّب يتفكّك إلى مركّبات أخرى كالكوليسترول، تتمثّل وظيفتها في حماية النباتات من الكائنات المضرّة كالبكتيريا والفطريّات وحتّى الحشرات. بالإضافة إلى ذلك، إذا تعرّض البروفيتاميتن "د" للأشعّة فوق البنفسجيّة، فإنّه يتفكّك بشكلٍ مختلف ويُنتِج فيتامين "د".

מקורות שונים לוויטמין D | תמונה: Microgen Images, Science Photo Library
يتواجد فيتامين "د" في الأطعمة الحيوانيّة، مثل الأسماك ومُنتَجات الألبان والبيض واللحوم. يمكن للّذين لا يستهلكون هذه الأطعمة استكمال النقص بواسطة المكمّلات الغذائيّة. مصادر مختلفة لفيتامين "د" | الصورة: Microgen Images, Science Photo Library 

 
الحفاظ على البروفيتامين (ProVitamin)

أراد الباحثون الاستفادة من قدرة الطماطم الطبيعيّة على إنتاج بروفيتامين "د" بغرض هندسة طماطم لا تحلّله، بحيث يمكن أن يتراكم فيها وتحوّله لفيتامين "د" عند تعرّضها لأشعّة الشمس. للقيام بذلك؛ استخدموا نظام التعديل الجينيّ كريسبر (Crisper) لتحييد عمل الإنزيم المسؤول عن تحليل البروفيتامين في الطماطم.

تمتلك الطماطم آليّات إضافيّة تُمكّنها من إنتاج المركّبات الّتي تحميها من الكائنات المضرّة، في حال تعطّلت آليّة تحليل البروفيتامين "د"؛ لذلك لا ينبغي للباحثين أن يقلقوا بشأن التغيير الّذي أحدثوه، من أن يُضعِف قدرة الطماطم على حماية أنفسها.

يتواجد البروفيتامين "د" بشكلٍ طبيعيّ فقط في الطماطم الخضراء غير الناضجة؛ لأنَّ النباتات تحلّله تدريجيًّا إلى مركّبات واقية، وحتّى نضوج الطماطم لا يتبقّى منه شيء. بالمقابل، فقد صمد البروفيتامين "د" في الطماطم المهندَسَة حتّى عندما نضجت.

بعد ذلك، عندما عرّضوا الطماطم للأشعّة فوق البنفسجيّة، تحلّل إلى فيتامين"د". عادلت كميّة الفيتامين في حبّة طماطم واحدة مُهندَسَة، بيضتَيْن أو 28 غرامًا من التونة- وكلاهما مصدران مُوصَى بهما لفيتامين "د" في النظام الغذائيّ. هذا يعني أنَّ الطماطم المهندَسَة يمكن أن تكون مصدرًا لفيتامين "" للأشخاص الّذين لا يستهلكون طعامًا حيوانيًّا، أو يستهلكون القليل منه.

اقترح الباحثون محاولة إجراء تعديلات جينيّة إضافيّة لتحسين الطماطم. على سبيل المثال، إجراء تغيير يُضعِف إنتاج مركّبات في قشر الفاكهة الّتي تحمي الطماطم من الإشعاع، قد يؤدّي إلى إنتاج كميّة أكبر من فيتامين "د" عند تعرّضها للأشعّة فوق البنفسجيّة.

وجد الباحثون معلومات إضافيّة تُظهر أنَّ أوراق الطماطم المهندَسَة تحوي فيتامين "د" بكميّة تتجاوز بشكلٍ كبير حتّى تلك الموجودة في الطماطم الناضجة نفسها؛ لذلك اقترحوا أن يحاولوا في المستقبل إنتاج مكمّل غذائيّ من فيتامين "د" من الأوراق، والّتي تُرمَى بكلّ الأحوال كنفايات.

القدرة على إنتاج بروفيتامين "د"، والّتي اعتمد عليها الباحثون عندما طوّروا الطماطم الغنيّة، موجودة أيضًا في خضروات أخرى من عائلة الباذنجانيّات، مثل الباذنجان، البطاطا والفليفلة. نظرًا لوجود فيتامين "د" أكثر في الخضار غير الناضجة، وبما أنّه يمكن تناول الفليفلة حتّى عندما يكون لونها أخضر، فقد تُستخدَم الفليفلة المهندَسَة كمصدر لفيتامين "د" في المستقبل والّذي سيكون أفضل حتّى من الطماطم.

 

0 تعليقات