تحويل البيت إلى قُبّة سمائيّة فلكيّة بواسطة مرطبان ومصباح

سنبني في التّجربة التّالية، جهازًا صغيرًا عارضًا للنّجوم، يعرض أشكال الأبراج السّماويّة المعروفة (مجموعات النّجوم أو الكوكبات) على الحائط أو السّقف.

الأدوات

  • مرطبان كبير

  • خريطة الأبراج السّماوية (الكوكبات)، يمكنكم تحميلها وطباعتها من موقعنا على النّتّ: كبيرة، متوسطة، صغيرة (يستحسن طباعة الملف الكبير على صفحة من الحجم A3، للاستفادة من مقاساته الكبيرة)

  • دبّوس طبعة

  • عود تنظيف الأسنان

  • مقصّ

  • هاتف خلويّ (مع مصباح)

التّجربة

يمكنكم مشاهدة مجرى التّجربة في الفيديو التّالي:

ملاحظة: اسم البرج السّماويّ (الكوكبة) المذكور في الفيديو هو الملتهب (Cepheus).

شرح موسّع

عندما نريد التّعبير عن رقم كبير جدًّا، جدًّا، جدًّا فإنّنا نستخدم العبارة: كعدد النّجوم في السّماء أو عدد حبيبات الرّمل في شواطئ المحيطات والبحار. من الواضح أنّ عدد حبيبات الرّمل في شواطئ المحيطات والبحار هو كبير جدًّا جدًّا جدًّا، لكن ماذا بالنّسبة لعدد النّجوم في السّماء؟ عندما ننظر إلى السّماء من داخل المدينة في عصرنا الحاضر فإنّنا نرى، وبصعوبة، عشر إلى عشرين من النجوم تتلألأ خافتةً. فلماذا يُنسب إذًا عدد النّجوم في السّماء لعدد كبير هائل؟ 

ما يعيق مشاهدة الأجرام السّماوية في عصرنا الحديث هو الإنارة الليليّة الكثيرة والشّديدة داخل المدن، من إنارة الشّوارع والطّرقات، وأنوار ساحات وقوف السيارات حتّى الأضواء الصّادرة من داخل البيوت. تنجم عن هذه الأضواء إضاءةٌ تضيئ السّماء في الخلفيّة، الأمر الذي يُشوّش رؤيَة ما فيها من أجرام. تُسمّى هذه الظّاهرة بـ 'التّلوّث الضّوئيّ'، وهي ظاهرة حديثة نسبيًّا ترافق الحياة العصريّة. لم يحدث مثل هذا الأمر قبل مائة سنة. كان اللّيل مظلمًا تمامًا، خاليًا من الأضواء في الخلفيّة، وأعدادٌ لا نهائيّة من النّجوم تظهر متلألئة في السّماء. 

لاحظ أسلافنا أنّ غالبية النّجوم في السّماء تظهر في قوالب ثابتة لا تتغيّر (ما عدا الكواكب السّيّارة)، أي أنّهم رأوا النّجوم ذاتها في كلّ مساء، في نفس المواقع والجهات من السّماء. عندما أطلقوا العنان لِخيالهم، لاحظوا أنّ النجوم "القريبة" من بعضها تُكوّن أشكالًا مختلفةً: الثّعبان المائيّ، العذراء، الأسد، البجعة، العقرب وغيرها. شاهدت الحضارات المختلفة نجوم السماء ونوَّعَتها - كلّ حضارة بما جادَ عليها خيالها (علّمتني تجربتي أنّ رؤية الأشكال الّتي شاهدها القدماء تتطلّب خيالًا واسعًا). وُضعت كلمة قريبة داخل أقواس مزدوجة، لأنّنا نعلم اليوم أنّه غالبًا ما تبدو لنا النّجوم قريبةً من بعضها، على الرّغم من أنّها قد تكون في الواقع متباعدةً بمسافات شاسعة، وأنّ الضّوء الّذي يصلنا منها هو الّذي نراه "متقارِبًا". 

عرّفَ الاتّحاد الفلكيّ الدّوليّ، في العصر الحاليّ، 88 كوكبةً (تعتمد على الكوكبات الّتي رآها القدماء)، من بينها الملتهب (سيفيوس) وذات الكرسيّ (كاسيوبيا) - الّتي تظهر في التّجربة -، وكذلك 'الدّبّ الأكبر' وَ'الدبّ الأصغر' - تُشكّلُ "العربة الكُبرى" و"العرَبة الصُّغرى" المعروضة في التّجربة جزءًا منهما - (العربة الكبيرة والعربة الصغيرة، وهما جزء من كوكبة)، هما ما يسمّيه علماء الفلك "المجمة" (Asterism).

يعتمد عارض النّجوم في تجربتنا على حقيقة أنّ الضوء يجري بخطوط مستقيمة: يمرّ الشّعاع الصّادر من المصباح، من خلال الثّقب الصّغير الّذي نُكوّنه في الصّفحة الورقيّة، بخطّ مستقيم - ثمّ يواصل مساره بخطّ مستقيم أيضًا، إلى أن يصطدم بالحائط أو بالشّاشة، فيترك عليها نقطة من الضوء. نحن نخرم ثقوبًا صغيرة في الصّفحة الورقيّة المطبوع عليها قالب الكوكبة، ثمّ تُرسَل الأشعة الضّوئيّة من المصباح باتّجاهها، فتمرّ الأشعة من الثّقوب بخطوط مستقيمة، ثمّ تصطدم بالحائط أو بالشّاشة مخلّفةً مظهرًا جميلًا للكوكبات معروضة على الحائط أو الشّاشة، حسب الأبعاد النّسبية فيما بينها، تقريبًا. يصدر الضّوء من نقطة واحدة (المصباح)، وينتشر منها نحو الثّقوب الكثيرة، فتخرج الإشعاعات الضّوئيّة من جهاز العرض، وهي قطريّة بالنّسبة لبعضها البعض، فَتنجم عن ذلك ظاهرة التّكبير: كلّما ازداد بعد الشّاشة عن مصدر الضّوء، ظهرت النّقاط المعروضة عليها أكثر تباعدًا عن بعضها، والعكس صحيح. من المستحسن ألّا يكون العرض على شاشة بعيدة جدًّا، لأنّ ضوء النّقاط الضّوئيّة يخفِت كلّما تباعدت عن بعضها. من الهامّ استخدام مصباح له لمبة واحدة (كما في الهاتف الخلويّ)، فإذا استخدمنا مصباحًا له أكثر من لمبة واحدة، فإنّنا نحصل على عارض 'مُربَك' يَعرض كوكبات مزدوجة بعدد اللّمبات (لأنّ كلّ لمبة هي مصدر إضاءة يعطي عرضًا خاصًّا به). 

انتبهوا! يجب أن يكون الوجه الدّاخليّ للصّفحة الورقيّة أسود، لأنّ الأسود هو 'لون' يمتصّ كلَّ الضوء، ولا يتيح له مواصلة سيره، فنمنع بذلك تكوّن ظاهرة 'التّلوث الضّوئيّ' في التّجربة. إذا أردتم إجراء التّجربة، على الرّغم من أنّكم لا تستطيعون طباعة صفحات الكوكبات من موقعنا، فعليكم تلوين الصّفحات الّتي تستخدمونها في التّجربة بالأسود، أو استخدام ورق بريستول سميك لا يُتيح للضّوء المرور منه.

0 تعليقات