الانغماس في الأخبار أم "الهروب" لمشاهدة مسلسل مسلٍّ؟ للإجابة عن هذا السؤال، دعونا نلقي نظرة إلى ما يحدث في أدمغتنا عندما نتعرّض لمشاهد معاناة الآخرين، أو عندما نشاهد محتوى فكاهيًّا

في ظلّ ظروف الحروب، يُطرَح التّساؤل: هل يحبَّذ مشاهدة الأخبار للحصول على التّحديثات، الشّهادات والفيديوهات الحربيّة، أم من الأفضل مشاهدة محتوى لطيف وكوميديّ الّذي يمنحنا استراحة خفيفة من الواقع؟ فمن ناحية، فإنّ مشاهدة محتوى الحرب والشّهادات قد تثير شعورًا بالتّضامن، وهي أمر ذو أهمّيّة اجتماعيّة كبيرة. من ناحية أخرى، غالبًا ما يؤدّي التّعرّض لمحتوى صعب إلى مشاعر صعبة قد تضرّ بالأداء الطّبيعيّ، وقد يكون من الجيّد اللّجوء إلى محتوى مضحك كوسيلة للإلهاء. إحدى الطّرق الممكنة لحلّ هذه المشكلة هي معرفة ما يحدث في دماغنا: كيف يتأثّر عندما نتعرض لمحتوى صعب ومؤلم؟ وماذا عن المحتوى التّرفيهيّ؟


هل يحبّذ مشاهدة الأخبار أو مشاهدة محتوى كوميديّ لطيف؟ امرأة تشاهد الأخبار | Shutterstock, 0meer

عند معرفة أنّ الألم عابر

كثيرًا ما نصادف مقاطع فيديو على شبكات التّواصل الاجتماعيّ الّتي تظهر المعاناة والألم. لكي نفهم كيف تؤثّر علينا مشاهدة معاناة الآخرين، من المهمّ أوّلًا فهم ماهية الألم. يتأثّر إحساسنا بالألم ودرجة عدم الرّاحة بعامليْن رئيسيّيْن. الأوّل هو التّحفيز الجسديّ والإحساس به، والثّاني هو التّعامل الذّهنيّ مع المواقف: ما هي درجة الخطورة بالمحفّزات المؤلمة، وكم من الوقت سيستمرّ، وهل هو عابر أم لا.

قد يكون للمعلومات الّتي لدينا حول موقف معيّن تأثير عميق على تجربتنا الجسديّة. على سبيل المثال، عند ركوب الأفعوانيّة (roller coaster) نمرّ بحركات حادّة ملتوية صعودًا وهبوطًا، ونتفاعل معها بالخوف - ولكن أيضًا بالإثارة وحتّى المتعة. هل سيكون ردّ فعلنا مشابهًا إذا حدثت تلك الحركات المفاجئة والحادّة على الطّريق أثناء قيادة سيارة حقيقيّة، بالنّظر إلى المخاطر الّتي تنطوي عليها؟ بالطّبع لا! فإنّ معرفة مدى الخطورة الحقيقيّة وتقدير عواقبها المستقبليّة قد تؤثّر على استجابتنا للتّجربة وشدّتها.


هل سيكون ردّ فعلنا مشابه إذا حدثت نفس الحركات المفاجئة والحادّة أثناء قيادة السيارة؟ فتيات يركبن الأفعوانيّة

أظهرت دراسة الّتي أخضعت المشاركين لمحفّزات مؤلمة - خاصّة الماء السّاخن - أنّ هناك تفاوتًا بين تصريح المشاركين، فيما يتعلّق بشدّة الإحساس الجسديّ ومستوى عدم الرّاحة للألم. نتيجة لذلك، استنتج الباحثون أنّ الفجوة بين قوّة الإحساس الجسديّ وتجربة المشاركين، تعود إلى المعلومات السّابقة الّتي كانت لديهم وهي: طبيعيّة التّجربة الآمنة، وقدرة الجسم على التّأقلم، ومعرفة أنّ الألم مؤقّت وسيمرّ - شعور اليقين بزوال المعاناة.

كيف يمكن التّمييز بين العوامل الجسديّة والنّفسيّة، عند قياس الألم في الدّماغ؟ كما ذكرنا سابقًا، خضع المشاركون في الدّراسة للألم عندما تمّ وضع أيديهم في ماء بدرجة حرارة مرتفعة. في الوقت نفسه، تمّ فحصهم بواسطة التّصوير المقطعيّ بالإصدار البوزيترونيّ (Positron emission tomography أو باختصار PET)، والّذي يستخدم لفحص العمليات الأيضيّة في جسم الإنسان. تبيّن أنّه عندما سمع المشاركون عبارات مهدِّئة أثناء التّحفيز المؤلم، كان هناك نشاط أقلّ في مناطق الدّماغ المرتبطة بالشّعور بالألم، مقارنة بالمشاركين الّذين لم يتمّ التّحدّث إليهم بطريقة مهدّئة، وذلك على الرّغم من أنّ جميعهم قد تعرّضوا لنفس درجة حرارة الماء. أي أنّ التّجربة الحسّيّة للألم في الدّماغ تتأثّر بعوامل إضافيّة، وليس فقط بمحفّز الألم وحده.


عندما سمع المشاركون في البحث عبارات مهدئة أثناء الخضوع للتّحفيز المؤلم، كان هناك نشاط أقلّ في مناطق الدّماغ المرتبطة بالإحساس بالألم. صورة لفحص PET توضّح نشاط الدّماغ أثناء التّحفيز المؤلّم | Montreal Neurological Institute / Science Photo Library 

مشاعر الآخرين

عندما نولّي اهتمامًا لأشخاص آخرين، فإنّنا نتمكّن أحيانًا من رؤية الأشياء من وجهة نظرهم، وفهم ما يحفّزهم، وبالتّالي التّكهّن بتصرّفاتهم في المستقبل. تسمّى هذه القدرة "نظريّة العقل" (Theory of mind) وتمكننا من استنتاج مشاعر وأفكار الآخرين من خلال سلوكهم. 

إنّ دماغنا البشريّ مزود بنظام إضافيّ مرتبط بالحالات والتّجارب العاطفيّة للآخرين: عند مشاهدة شخص ما يقوم بعمل معيّن، تنشط خلايا عصبيّة معيّنة في الدّماغ، في نفس المناطق الّتي تنشط عند قيامنا بذات العمل بأنفسنا. من هنا جاءت تسميتها بالخلايا العصبيّة المرآتية (mirror neurons). يعتقد العديد من الباحثين أنّ هذا هو جزء من آليّة الدّماغ الّتي تسمح لنا بالتّعلّم عبر تقليد الغَيْر، وربّما أيضًا الأساس البيولوجيّ للتّعاطف. مع ذلك، لم يتمّ العثور على خلايا عصبيّة مرآتيّة في مناطق الدّماغ المرتبطة بالعواطف، ممّا يثير الشّكّ حول ارتباطها بالتّعاطف.

نشرت دراسة في مجلة "سانيس" Science أنّه تمّ العثور على دليل يشير إلى أنّ خلايا النيورونات المرآتيّة تشكّل أساس التّعاطف. وفقًا لدراسة، فإنّ مشاهدة شخص عزيز علينا يعاني من الألم الجسديّ، يؤدّي إلى تنشيط نفس المناطق في الدّماغ، الّتي تنشط عندما نعاني من الألم الجسديّ بأنفسنا. استخدم الباحثون في هذه الدّراسة التّصوير بالرّنين المغناطيسيّ الوظيفيّ (fMRI)، لقياس نشاط الدّماغ لدى النّساء وفيها تمّ تعريضهم لصدمة كهربائيّة مؤلمة في المعصم، وكذلك عندما شاهدن أزواجهنّ يمرّون بتجربة مماثلة. أظهرت النّتائج أنّ استجابة الدّماغ للألم كانت مماثلة في كلتا الحالتين.

يُعتبر الجزءان المسؤولان عن الألم في الدماغ هما القشرة الحزاميّة الأماميّة (Anterior Cingulate Cortex) والقشرة الجزيريّة (Anterior Insula)، وكلاهما يرتبط بالتّمثيلات العاطفيّة والوعي العاطفيّ. تقع القشرة الحزاميّة الأماميّة في الدّماغ بين القشرة الدّماغية والجهاز النّطاقيّ (Limbic System)، المسؤول عن العواطف والدّوافع. بينما تقع القشرة الجزيريّة عميقًا في الدماغ وتعالج الوعي للمشاعر الجسديّة، بما في ذلك الألم. تصل المعلومات الواردة من المناطق النّطاقيّة-العاطفيّة و القشرة الجزيريّة إلى القشرة الحزاميّة الأماميّة، وتساعد جميعها بالاشتراك مع قشرة الدّماغ في اتّخاذ القرارات.


تؤدّي مشاهدة أحد أفراد أسرتك وهو يعاني من الألم الجسديّ إلى تنشيط مناطق الدّماغ الّتي تنشّط أيضًا عندما نعاني من الألم الجسديّ ذاته بأنفسنا. صورة fMRI لدماغ شخص يشعر بالألم (يسار) أو رؤية شخص آخر يعاني من الألم (يمين)| Wellcome Centre Human Neuroimaging / Science Photo Library

من تعابير الوجه إلى العاطفة

إذا كان الأمر كذلك، فإنّ أحد أسباب صعوبة مشاهدة مقاطع الفيديو الّتي تحتوي مشاهد معاناة وألم الآخرين، قد ينتج عن تنشيط تجربة الألم في أذهاننا، حتّى لو لم نتعرّض للأذى بشكل مباشر. ينبع جزء من هذه الصّعوبة من العنصر العقليّ في فهمنا للعواقب المؤلمة للأحداث، وعدم اليقين بشأن المستقبل.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ مشاهدة تعابير وجوه الآخرين تؤثّر علينا، حتّى لو بشكل لا إراديّ. على سبيل المثال، تؤدّي رؤية وجه غاضب إلى تنشيط عضلات الوجه بشكل مشابه لدى المشاهدين. فقد أظهرت الأبحاث أنّ ردّ الفعل العضليّ قد يعكس الشّعور داخليًّا، حيث أنّ ابتسامة أو عبوس سوف تتسبّب بمشاعر فرح أو غضب تبعًا لذلك. أظهرت دراسة أخرى أنّ مشاهدة الآخرين تؤدّي إلى التّقليد، وهو ما يؤدّي بدوره إلى شعور مماثل لدى المشاهد.  يُقدّر أنّه فيما يتعلّق بالمشاعر، تعمل مناطق الدّماغ المرتبطة بحركة وإحساس بالجسم بشكل غير مباشر - وهي نفس المناطق الّتي توجد فيها الخلايا العصبيّة المرآتيّة.

باختصار، عند مشاهدة مقابلة شخص ما، تنشط لدينا مناطق الدّماغ المسؤولة عن حركة عضلات الوجه وفقًا لتعابير وجهه، غالبًا بمساعدة الخلايا العصبيّة المرآتيّة، سواء كان حزينًا، متألمًا أو مصدومًا. بدورها، تنشّط تعابير الوجه الدّوائر الدماغيّة المرتبطة بالعاطفة الّتي تعكسها، وبالإضافة إلى معلومات من مناطق أخرى في الدّماغ، تنشأ لدينا مشاعر صعبة.


تؤثّر علينا مشاهدة تعابير وجوه الآخرين، حتى ولو بشكل لا إراديّ. امرأة تظهر تعابير وجه مختلفة | Shutterstock, fizkes

مؤلم لكن أقلّ

عادةً، يتمّ توثيق أهوال الحرب من كلا الطّرفين. فهل نشعر بالتّضامن والتّماهي المتماثل مع آلام كلا الطرفين بنفس المقدار؟ أظهرت الدّراسات أنّنا نميل إلى الشّعور بمزيد من التّعاطف، تجاه أولئك الّذين ينتمون إلى مجموعتنا الاجتماعيّة - على سبيل المثال، الأشخاص الّذين يدعمون فريق كرة القدم المفضّل لدينا، أولئك الذين يؤمنون بنفس الدّين أو ينتمون إلى نفس الفئة العرقيّة - بينما نتعاطف بشكل أقلّ تجاه أولئك خارج هذه المجموعة.

عندما عُرض على النّاس صورة يد مقطوعة أو مطعونة، أظهروا مشاعر نفور وألم. مع ذلك، عندما عُرضت الصّور نفسها مع دلالات دينيّة أو عرقيّة، كان ردّ فعلهم مختلفًا. عند تحليل العديد من دراسات التّصوير العصبيّة، وجد أنّ عرض صور وجوه الأشخاص من خارج المجموعة الّتي ينتمي إليها المشاركون في البحث، يؤدّي إلى تنشيط المزيد من مناطق في الدّماغ مثل القشرة الجزيريّة و اللّوزة الدّماغيّة (Amygdala) - وهي المنطقة الّتي تستجيب للخوْف والخطر. مع ذلك، تنشّطت القشرة الحزاميّة الأماميّة والمناطق المرتبطة بالنّظر عندما عُرض وجوه الأشخاص الّذين ينتمون إلى نفس فئة المشاركين في البحث. كما أظهرت دراسة أخرى، أنّ مناطق الدّماغ الّتي تستجيب بنفس الطّريقة لآلامنا وألم الآخرين، لا تعمل عندما ننظر إلى الأشخاص على أنّهم أعداء. هذا لا يعني أنّنا غير قادرين على الشّعور بالتّعاطف معهم، ولكن يتطلّب ذلك منّا توظيف مناطق دماغيّة أخرى، تتعلّق باتّخاذ القرار. قد يكمن أحد الأسباب وراء تعقيد اتّخاذ القرار بالتّعاطف مع أشخاص من المجموعة المعادية لنا، هو تكلفة بقائنا على قيد الحياة.

تفحص دراسات اتّصال الدّماغ مرور المعلومات بين مناطق مختلفة من الدّماغ - أيّة مناطق تتواصل مع بعضها البعض وأيّها لا - لأنّه يؤثّر على سلوكنا. وجدت هذه الدّراسات أنّ أنماط الاتّصال بين مناطق الدّماغ النّاتجة عن معالجة المعلومات، تختلف تمامًا عندما تكون المعلومات متعلّقة بأشخاص ينتمون لمجموعتنا، مقارنةً بأولئك الّذين لا ينتمون.

إذا كان الأمر كذلك، فإنّ عقولنا، مشاعرنا وتعاطفنا لا تنشّط بشكل مشابه مع الجميع، بل بشكل انتقائيّ - وفقًا لشعورنا بالانتماء للأشخاص. يعتبر الأساس الدّماغيّ للمشاعر مثل التّضامن والوحدة مهمًّا للبنية المجتمعيّة، بحيث تحفّزنا على السّلوك الاجتماعيّ، وحتّى الإيثار.


هل سنشعر بالتّعاطف تجاه الشّخص الّذي نشاهده؟ يعتمد ذلك على هُويّته وكذلك هُويّتنا | Shutterstock, TSViPhoto

 "الرّاحة في الضّحك"

في الكثير من الأحيان، يمكن أن يؤدّي التّعرّض غير المباشر للتّجارب الصّعبة إلى صدمة ثانويّة. أي أنّ المشاعر الّتي نشعر بها عند مشاهدة معاناة الآخرين، يمكن أن تجعلنا نتألّم بأنفسنا. هل مشاهدة شيء مضحك بين الحين والآخر، قد يساعد في تخفيف حدّة التّعرّض للصّدمة؟ يمكن أن تبعث مشاهدة الفيديوهات المضحكة المتعة والضّحك، ممّا يؤثّر بشكل إيجابيّ على جهاز المناعة والدّماغ. تظهر دراسات التّصوير الدّماغيّ أنّ العديد من مناطق الدّماغ تنشط عند مشاهدة فيلم مضحك. وكانت المناطق البارزة الّتي تمّ العثور عليها هي الفصّ الصّدغيّ (Temporal lobe)، الّتي تحوي على مناطق متعلّقة بالفهم اللّفظيّ، وكذلك حيث يتمّ دمج تفاصيل المعلومات من عدّة حواس.

ليس من السّهل دراسة نشاط الدّماغ استجابة للفكاهة، وذلك لكونها أمر نسبيّ بين الاشخاص، ويرتبط أحيانًا بالاختلافات بين الشّخصيات. وجدت دراسات التّصوير الدّماغي اختلافًا في نشاط الدّماغ، استجابةً للضّحك بين الأشخاص الانطوائيّين و المنفتحين: كانت اللّوزة الدّماغيّة، والّتي كما ذكرنا سابقًا أنّها منطقة عاطفيّة ترتبط بالخوف، نشطة عند الأشخاص الانطوائيّين، بينما كانت القشرة الدّماغيّة، وكذلك المناطق المتعلّقة بالفهم المجتمعيّ وصنع القرار نشطة لدى الأشخاص المنفتحين.

أظهرت دراسة أخرى أنّ دماغ النّساء أكثر نشاطًا في المناطق المتعلّقة بـ "المكافأة" أثناء مشاهدة محتوى مضحك، ممّا قد يشير إلى متعة أكبر، أو توقّعات أقلّ للاستمتاع. بالإضافة إلى ذلك، تمّ العثور أنّ المنطقة السّفليّة من الفصّ الجداريّ (Parietal lobe) المسؤولة عن التّعويض عدم الملاءمة بين الأشياء، تنشط بشكل مرتفع لدى الأشخاص السّعداء أثناء الضحك. ما هي العلاقة بين الضحك والفكاهة والقدرة على جسر التّناقض؟ استنتج الباحثون أنّ هؤلاء الأشخاص يستمتعون بحلّ الألغاز أكثر، وبالتّالي يستجيبون بشكل أفضل لمواقف عدم اليقين، والّتي غالبًا ما تكون في النّكات والتّجارب المضحكة.


ليس من السّهل دراسة نشاط الدماغ استجابةً للفكاهة، ويعود ذلك جزئيًّا إلى كونه نسبيّ بين الأشخاص. امرأة تشاهد مسلسلًا مضحكًا على الحاسوب | Shutterstock, Antonio Guillem

 

لفهم ما يحدث في الدماغ في المواقف المضحكة، قام الباحثون بقياس نشاط الدماغ لدى المشاركين بالبحث، بواسطة الـ fMRI أثناء مشاهدة حلقة من مسلسل كوميديّ، مثل "ساينفيلد" و"عائلة سيمبسون". وجدوا أنّ مناطق الدّماغ المرتبطة بالعواطف، بما في ذلك القشرة الجزيريّة و اللّوزة الدّماغيّة تنشط عندما يضحك المشاركون. في دراسة أخرى، تمّ فحص المشاركين أثناء مشاهدتهم لعروض ستاند-أب، وتبيّن تفاعل نظام المكافأة لديهم، وهو الذي يرتبط بتجربة المتعة والرّضا. 

لا تقتصر معالجة الفكاهة والاستجابة لها على المناطق المتعلّقة بالعاطفة فقط. يواجه الأشخاص الّذين يعانون من تلف في قشرة الفصّ الجبهيّ (Prefrontal Cortex)، صعوبة في فهم الفكاهة والاستجابة عاطفيًّا للنّكتة. ترتبط هذه المنطقة بالأداء الاجتماعيّ، بما في ذلك التّمييز بين الأشخاص الّذين ينتمون إلى مجموعتنا وأولئك الّذين لا ينتمون. تعزّز هذه النّتيجة الادّعاء بأنّ الفكاهة تعتمد على السّياق، وبالتّالي فإنّ القدرات الاجتماعيّة الّتي تنطوي على نشاط القشرة الجبهيّة، تعتبر مهمّةً لفهمها.

يبدو إذًا أنّ دماغنا، عواطفنا وسلامتنا النّفسيّة تتأثّر بشكل مباشر بالمحتوى الّذي نتعرّض له - سواء كان مسلّيًا أو صعبًا ومؤلمًا. ربّما قد يثير محتوى الحروب تضامنًا وتعاطفًا، ولكنّه قد يثير أيضًا المعاناة والألم، في حين أنّ المحتوى الفكاهيّ والمسلّي صحيّ للجسم والنّفس، وقد يساعدنا في المرونة النّفسيّة (Psychological resilience) في أيّام عدم اليقين. لهذا السبب، يُوصى بالحفاظ على التّوازن في المحتوى الّذي نختار أن نشاهده، والسّماح لأنفسنا "بالهروب" لقنوات أخرى غير الأخبار.

0 تعليقات