دراسة تتوصّل إلى كيف تتوقّف عملية الشيخوخة في الحيوان البرمائيّ سمندل المكسيك (الأكسولوتل) بشكل شبه كامل

لدى معظم الحيوانات التي نعرفها نرى عمليّات شيخوخة، مثلًا في تدهور مستوى الصّحّة مع التقدّم في العمر. لدى حيوان الأكسولوتل أو سمندل المكسيك (Ambystoma mexicanum) - وهو حيوان برمائيّ ينتمي إلى السالمندرات (رتبة فرعيّة من السمندل، تُعرف بالسلمندر المتطوّر)، عُثِر على ظاهرة فريدة في هذا السياق: ظاهرة تباطؤ الشيخوخة لديه. تسمّى هذه الظاهرة بـ "الشيخوخة الضئيلة" (Negligible senescence).

يتمتّع الأكسولوتل بمجموعة متنوّعة من القدرات المثيرة للإعجاب المتعلّقة بهذا الأمر، من بينها القدرة على تجديد الأعضاء التالفة، بحيث إذا تضرّرت أجزاء من جسمه، فإنّ أنسجته تتجدّد، بما في ذلك العينيْن والرئتيْن والقلب. بالإضافة إلى ذلك، فهو أكثر مقاومةً للسرطان ويتراكم فيه عددٌ أقلّ من الخلايا التي تتقدّم في العمر طوال الحياة - وهي علامة بارزة على الشيخوخة، والتي تُسبّب الأمراض المرتبطة بالعمر. في الأسر (captivity)، يعيش سمندل الأكسولوتل عادةً ما بين عشرة إلى ثلاثة عشر عامًا، ممّا يجعل من الممكن دراسة عمليّات الشيخوخة لديه. دراسة جديدة، لم تخضع بعد لمراجعة الأقران، تقدّم رؤى حول الآليّات الجزيئيّة وراء الشيخوخة البطيئة لديه.

على المستوى الجزيئيّ، إحدى أبرز علامات الشيخوخة هو تراكم الميثيلات على الحمض النوويّ. المَثْيَلَة هي إضافة مجموعة كيميائيّة تسمّى الميثيل (CH3) إلى الحمض النوويّ دون تغيير تَسلْسلِهِ؛ تُدعى هذه التغييرات بالتغيّرات فوق الجينيّة، ويمكنها أن تتسبّب إمّا في أن يتمّ التعبير عن جين معين - أو أن يُمنع ظهوره. لا تحدث المثيلة بشكلٍ عشوائيّ على جزء من الحمض النوويّ. أحد المناطق الرئيسيّة التي تحدث فيها هو على أزواج القواعد النيتروجينية السيتوزين (C) والجوانين (G)، وهما اثنتان من اللبنات الأساسيّة للحمض النوويّ. أحيانًا تظهر هذه الأزواج في سلاسل طويلة متتالية. مع تقدم الحيوان في العمر، تخضع هذه الأزواج عادة لعملية المَثْيَلَة في تكرار أكبر. إنّ عدد عمليّات المثيلة، والتي تُدعى أيضًا "الساعة فوق الجينيّة"، يسمح لنا بتقدير عمر الخليّة.


 وفقًا للساعات الجينيّة، فإنّه يتقدّم في العمر خلال السنوات الأربع الأولى من عمره فقط. سمندل أكسولوتل في حوض سمك | rsaggin, Shutterstock

البطاريّة التي تواصل الاستمرار

فحص الباحثون التغيّرات في مثيلة الحمض النوويّ في أنسجة سمندل أكسولوتل خلال حياته. فحصوا الذيل والجلد والكبد والأنسجة الأخرى لأكسولوتلات من عمر أربعة أسابيع وحتّى 21 عامًا. وجد الباحثون أنّ مستويات مثيلة الحمض النووي لسمندل الأكسولوتل مستقرّة، على عكس تلك الموجودة لدى الثدييات. وفقًا للساعات الجينيّة للأكسولوتل، فإنّه يتقدّم في العمر في السنوات الأربع الأولى من عمره فقط، وعندما يصل إلى سنّ أكبر، تتوقّف عمليّة الشيخوخة، ولا تظهر في الأنسجة التغيّرات الجزيئيّة المرتبطة بالشيخوخة. بحسب الباحثة ماكسيمينا يون (Yun)، قد يكون هذا دليلًا على أنّ شيخوخة الأكسولوتل هي شيخوخة ضئيلة، على الأقل على المستوى الجينيّ. بحسب قولها، فإنّه لا يزال من غير الواضح أصلًا ما الّذي يؤدّي إلى موت سمندل الأكسولوتل.

إنّ أنماط المَثْيَلَة التي تظهر في الثلث الأول من حياة الأكسولوتل متطابقة من الناحية التطوّريّة مع تلك الموجودة لدى الضفادع والبشر. يبدو، إذن، أنّ هناك آليات بيولوجيّة مشتركة تكمن وراء شيخوخة الأنواع المختلفة. ينحرف سمندل الأكسولوتل عن الأنماط المعروفة للشيخوخة فوق الجينيّة، ولكن هذه التغييرات لا تكفي لتحديد أنّ شيخوخته هي شيخوخة ضئيلة. بحسب الباحث جواو بيدرو دي ماجالهايس (de Magalhães) من جامعة برمنجهام في إنجلترا، وهو ليس من مؤلّفي المقال، فإنّه يجب فحص خصائص وقدرات حيوانات الأكسولوتل، وفحص ما إذا كانت تتطابق مع التغيّرات فوق الجينيّة التي يتمّ رؤيتها طوال حياتها. هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث، ولكنّ هذه الدراسة توفّر رؤى بالمستوى الجزيئي (Molecular) حول الشيخوخة الضئيلة، وتعزّز فهمَنا لديناميكيّات الشيخوخة لدى حيوانات مختلفة.

0 تعليقات