هاكم ثلاث طرق اختيار البطّيخة الأحلى والأحمر: الطّبل على البطيخة، الجهاز المتطوّر و"على السّكين" وهي الطّريقة الأقدم والأضمن
يبدأ موسم البطّيخ مع حلول موجة الحرّ الأولى في فصل الرّبيع - ولا يوجد ما هو أطيب من البطّيخة الحلوة الباردة في أيّام الصّيف الحارّة. لكن، ولمزيد الأسف، كثيرًا ما تصيبنا خيبة أمل بالغة عندما نفتح البطّيخة متلهفين لحلاوة مذاقها المتدفّقة، ونكتشف من خلال أول قضمة، ألّا طعم لها، وأنّ محتواها أشبه بالدّقيق. يتبادر لنا أحيانًا أنّ باعة البطيخ يتّبعون طرقًا مختلفة للتّطبيل على البطّيخة، كلًّا بإسلوبه الخاصّ، والإصغاء لارتداد الصّوت وتحديد الجودة بناءً عليه.
كشف استطلاع (لا يُمثّل الوضع برمّته) أجريته مُؤخّرًا أنَّ هذه الطّريقة لا تحظى بثقة الأغلبيّة من النّاس. اشتكى الكثير ممّن سألتهم أنّهم كثيرًا ما أصيبوا بخيبة أمل كبيرة من البطّيخة الّتي اختارها لهم البائع، حسب طلبهم، واعدًا إيّاهم بأنّها البطيخة الأحلى. وقالت إحدى الصّديقات إنّها تطبل على بطيخة ما ثمّ تختار البطيخة المجاورة لها. هل يوجد أساسٌ حقيقيّ لطريقة النّقر على البطيخ لاختبار مدى حلاوة مذاقه؟ هُناك حلول في الفيزياء.
مسألة فيزيائيّة. الاختبار العلميّ لقطعة البطّيخ | تصوير توضيحيّ: Elnur, Shutterstock
الطّبل كرويّ الشّكل
عندما ننقر على البطّيخة فإنّنا نهزّ فحواها؛ فتتحوّل إلى ما يشبه الطّبل كرويّ الشّكل. يمكن تشبيه اختبار التّطبيل على البطيخة بالطّبلة (الدُّربِكّة). عندما ندقّ على الطّبلة يهتزّ الهواء من حولها مُكوّنًا أمواجًا صوتيّةً. إذا كانت الطّبلة مخروقةً نسمع رنّةً باهتةً غير صافية، وإذا كانت الطّبلة مشدودة جيّدًا ولا خلل فيها نسمع رنّةً صافيةً واضحة. كذلك الأمر بالنّسبة للبطّيخة، تدلُّ الرّنّةً الصّافيةً الّتي ترتدّ بوضوح عند التّطبيل عليها على أنّها خاليةٌ من أيّ خلل مخفيّ داخلها. وتدلُّ الرّنّة غير الصّافية الّتي ترتدّ منها على نقص أو خلل مخفيّ داخلها، ومن الأفضل عندها اختيار بطّيخة أخرى.
تدلّ الرّنّة المرتدّة من البطّيخة على خلوّها من الإصابات الدّاخليّة؛ إلّا أنّها لا تكفي لمعرفة درجة حلاوتها. نحتاج لهذا الغرض أن نختبر نوعيّة الصّوت المرتدّ.
يمكن التّمييز بين الأمواج الصّوتيّة عن طريق تردّداتها: نسمع صوتًا عميقًا من الموجة ذات التّردّد المنخفض. نجد علاقة مشابهة بين تردّد الموجة الصّوتيّة وبين الصّوت النّاجم عنها عند العزف على القيثارة: نسمع صوتًا عاليًا بتردّد عالٍ عندما نضع إصبعنا على أحد أوتارها ونؤدّي إلى تقصيره.
يتأثّر التّردّد النّاجم عن وسطٍ ما، مثل البطيخة، بعدّة عوامل، منها كثافة المادّة فيه (في البطّيخة). يكون الصّوت المرتدّ من البطيخة عند الطّبل عليها عميقًا بتردّدات منخفضة عندما تكون كثافة المادّة فيها عالية. لذلك، عندما نختبر بطيختين بنفس الكبر والشّكل (وهما عاملان إضافيّان يؤثّران على الرّنّة المرتدّة من البطّيخة عند التّطبيل عليها) ويكون الصّوت المرتدّ من إحداهما أكثر عمقًا من الأخرى نعرف أنّ كثافتها أعلى. تشير الكثافة العالية بدورها إلى محتوى عالٍ من السّكّر ويكون المذاق حلوًا. لكن، علينا أخذ الحيطة والحذر لئلّا تكون البطّيخة قد اجتازت مرحلة النّضج، ونعرف ذلك في حال كان الصّوت المرتدّ منها عميقًا جدًّا.
تدلّ الرّنّة العميقة على مستوى السّكّر ولكن يتعلق الأمر بالكبر والّشكل أيضًا. اختيار بطّيخة في سوق الخضار والفواكه | تصوير: insTar75, Shutterstock
مِقياس البطّيخ (الأداة لقياس جودة البطيخة)
إنّ اختيار البطّيخة بالاعتماد على الرّنّة المرتدّة عند التّطبيل عليها، هو مهمّة معقّدة لأنّها تتأثّر بعدّة متغيّرات، وهي تتطلّب مرّات عديدة من التّجربة والخطأ. نجم عن هذا التّحدّي، مع مرور الزّمن، تطوير العديد من الوسائل الهادفة إلى معرفة مدى نضج البطّيخ اعتمادًا على كيفيّة إرجاعه للأمواج الصّوتيّة.
طوّرَ هيروميشي ياماموتو (Yamamoto) وزملاؤه في وزارة الزّراعة اليابانية جهازًا يفحص طزاجة البطّيخ بالاعتماد على قياس الرّنّة المرتدّة من البطّيخة عند النّقر عليها ببندول خشبيّ. وطوّر علماء إيرانيّون قبل سبع سنين جهازًا أكثر تعقيدًا لنفس الغرض. يعتمد الجهاز الإيرانيّ على إثارة الأمواج الصّوتيّة في البطّيخة بواسطة أشعة اللّيزر، وقياس التّردّدات المرتدّة منها بواسطة جهاز لقياس ارتجاج الهواء. كما طوّر الإيرانيّون طريقة تعتمد على الذّكاء الاصطناعيّ لتحليل التّردّدات المرتدّة من البطّيخة للتّيقّن من نضجها.
على السّكين
نجد في الانترنت طرقًا متنوّعة لاختيار البطّيخة الأمثل - شمّ البطّيخة، البحث عن نوع خاصّ من البقع على سطحها الخارجي، تفحّص مدى جفاف العنق وغيرها. لكن الطّريقة الأضمن هي شراء بطّيخة "على السّكين" - أن نطلب من البائع أن يقطع البطّيخة ثمّ نتذوّقها، أو أن نشتري نصف بطيخة (طازجة) مُغلّفٌ ببلاستيك شفّاف نظيف؛ إذ يمكن الانطباع من مجرّد رؤية لونها وملمسها. إذا تذوّقنا طعم البطّيخة سنعرف بالتّأكيد درجة حلاوتها، علمًا بأنّ ذلك يتطلّب قطعها.
إذا تحلّيت بالصّبر وحبّ الاستطلاع والتّجربة - فلا ضير في اعتماد طريقة التّطبيل على البطّيخ عند اختيار البطّيخة الأمثل. أمّا إذا كنت حذرًا وواقعيًّا فربّما تطلب من البائع أن يختار لك البطّيخة، وإذا كان من الممكن شراء البطّيخة "على السّكين" فليكن!