تعتبر ألواح التقطيع من الأدوات الأساسيّة في أيّ مطبخ، وعادة ما تكون مصنوعة من الخشب، البلاستيك أو الزجاج. كيف نختار مادّة لوح التقطيع الأنسب لنا، وأيّ نوع يعتبر الأفضل؟
عند اختيار لوح التقطيع، غالبًا ما نبحث عن اللوح المصنوع من المادّة الأكثر صحيّة، أي الّذي تتراكم عليه البكتيريا الضارّة، مثل السالمونيلا (Salmonella)، بقدر أقلّ. أظهرت الدراسات نتائج متباينة عند المقارنة بين الألواح الخشبيّة والبلاستيكيّة، ويعود ذلك إلى كون هذه الدراسات غير موحّدة. على سبيل المثال، فحصت بعض الدراسات الألواح البلاستيكيّة الجديدة بينما فحصت دراسات أخرى الألواح المستعملة. بشكل مماثل، عند النظر إلى الألواح الخشبيّة، ركّزت الدراسة على نوع مختلف من الخشب. علاوة على ذلك، فحص الباحثون عدد ونموّ البكتيريا بشكل مختلف في كلّ دراسة، ما جعل من الصعب التوصّل إلى استنتاج شامل. مع ذلك، فإنّ خصائص الموادّ نفسها معروفة وبالتالي هناك أيضًا بعض الاتّفاقات المنطقيّة حول هذا الموضوع.
أظهرت العديد من المقارنات بين الأسطح البلاستيكيّة والخشبيّة نتائج متباينة، ويعود ذلك بشكل أساسيّ إلى أنّ هذه الدراسات ليست موحّدة. تجفيف أسطح القطع البلاستيكيّة في المطبخ | Chananthorn Angkapichit, Shutterstock
أيّ الألواح تحبّها البكتيريا أكثر؟
كانت ألواح التقطيع الخشبيّة أكثر شيوعًا حتّى منتصف القرن العشرين، ثمّ اُستبدِلت تدريجيًّا بالألواح البلاستيكيّة. يعتبر الخشب مادّة ليفيّة، أي مساميّة للغاية. تساعد الخاصّيّة الشعريّة (capillary effect) للمسامّ على امتصاص الماء الّذي قد يحوي أيضًا البكتيريا. تختلف درجة المساميّة بين أنواع الخشب المختلفة، وبالتالي قد يكون هناك تفاوت في قدرتها على امتصاص البكتيريا. كذلك، قد تؤدّي المعالجة المختلفة للّوح الخشبيّ أيضًا إلى نتائج مختلفة. مع ذلك، لا يوجد دليل قاطع يشير إلى أنّ البكتيريا المتراكمة على لوح التقطيع تنتقل منه بسهولة إلى الطعام. بالإضافة إلى ذلك، عندما يكون السطح جافًّا، لا يمكن للبكتيريا البقاء على قيد الحياة إلّا لبضع ساعات حتّى بضعة أيّام فقط. من ناحية أخرى، البلاستيك ليس مساميًّا، لذا فهو يمتصّ بكتيريا أقلّ بكثير.
مع ذلك، فإنّ أيّ شخص يستخدم لوح التقطيع البلاستيكيّ يعرف أنّه نتيجة للاستخدام المتكرّر تظهر بسرعة كبيرة جروح بعمق بضعة مليمترات، والّتي تعمل كمخبأ للبكتيريا، وتجعل عمليّة التنظيف صعبة. إذًا، كيف نختار لوح التقطيع الأنسب؟ يجب الأخذ بعين الاعتبار اختلافات عمليّة تنظيف الألواح المختلفة: يوصى بغسل الألواح الخشبيّة يدويًّا فقط باستخدام الصابون والماء الجاري الدافئ، أمّا ألواح التقطيع البلاستيكيّة فيمكنها تحمّل ظروف تنظيف أقسى، مثل درجة حرارة عالية للماء في غسّالة الأطباق، وحتّى التنظيف بالمبيّض. مع ذلك، يبدو أنّه طالما حرصنا على تنظيف وتجفيف كلا النوعَين من الأسطح، فمن غير المتوقّع أن يكون هناك فرق كبير بينها من حيث النظافة.
هناك عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار لوح التقطيع، من ضمنها سهولة استخدام المادّة وصلابتها. تناولت دراسات قليلة الألواح الزجاجيّة، ووجدت أنّه في معظم الحالات، يلتصق وينمو عليها عدد أقلّ من البكتيريا مقارنة بالخشب والبلاستيك. فلماذا لا نستخدم الألواح الزجاجيّة دائمًا؟ السبب الرئيس لذلك هو أنّ الزجاج مادّة صلبة، بينما الخشب والبلاستيك موادّ أكثر مرونة، وبالتالي فإنّ استخدام السطح الزجاجيّ بشكل متكرّر يضعف شفرات السكّين ويقلّل من حدّتها بشكل أسرع، ما يستدعي استبدالها في كثير من الأحيان. بالإضافة إلى ذلك، قد تنكسر الألواح الزجاجيّة، ما يشكّل خطرًا على السلامة، خاصّة في المطابخ المنزليّة.
ألواح التقطيع المنزليّة هي مصدر للّدائن الدقيقة. ملعقة مملوءة بجزيئات البلاستيك | SIVStockStudio, Shutterstock
نأكل البلاستيك
كذلك، يجب أخذ العامل الصحيّ- البيئيّ في عين الاعتبار. بسبب استخدامنا المتزايد للبلاستيك في السنوات الأخيرة، فإنّنا نستهلك حتّى جزيئات بلاستيكيّة صغيرة تُسمّى لدائن دقيقة- "ميكروبلاستيك" (Microplastics) مع طعامنا. تُعدّ ألواح التقطيع المنزليّة أحد المصادر الأساسيّة لهذه الجزيئات. قد يتسبّب انتقال اللّدائن الدقيقة للجسم في الإصابة بالأمراض لدى البشر أو تفاقم الأمراض الموجودة. من ناحية أخرى، تتطلّب صناعة أسطح القطع الخشبيّة قطع الأشجار، الأمر الّذي أثار الكثير من الانتقادات في السنوات الأخيرة.
لذلك فإنّ اختيار لوح التقطيع الأنسب ليس بالأمر السهل، حيث إنّ لكلّ مادّة إيجابيّات وسلبيّات. الألواح الخشبيّة متينة ولا تتلف شفرات السكّين، ولكنّها تتطلّب معالجة دقيقة أكثر. بالرغم من أنّ الألواح البلاستيكيّة سهلة التنظيف وآمنة للاستخدام في غسّالة الأطباق، إلّا أنّ تنظيفها صعب نظرًا لوجود الجروح العميقة الناتجة عن الاستخدام، وكذلك قد تطلق لدائن دقيقة تدخل الطعام وتسبّب الإصابة بالأمراض. تعتبر الأسطح الزجاجيّة هي الأكثر صحيّة من حيث التنظيف ولكنّها يمكن أن تضعف السكاكين بسرعة وتكون خطيرة إذا اُستخدِمت بدون حذر. في النهاية، يعتمد اختيار لوح التقطيع الأنسب وفقًا لعادات الاستخدام والتفضيلات الشخصيّة، مع الحرص على طرق التنظيف الملائمة.