ما الّذي علينا فعله للحفاظ على صحّة بشرتنا وشعرنا أثناء الاستحمام؟

حتّى الأنشطة اليوميّة البسيطة مثل الاستحمام قد تؤثّر على صحّتنا، والآن مع قدوم الصيف، تزداد أهمّيّة الاستحمام بشكل خاصّ. إذًا كيف يجب الاستحمام بشكل صحيح؟ ما المهمّ أن نعرفَه عن الاستحمام - من درجة حرارة الماء إلى نوع الشامبو؟ وكيف تساعدنا منتجات الاستحمام في الحفاظ على النظافة؟


كيف يجب الاستحمام بشكل صحيح؟ صابون صلب| P-fotography, Shutterstock

درجة حرارة ماء الاستحمام

أحد الاعتبارات المهمّة عند اختيار درجة حرارة ماء الاستحمام هو تأثيرها على مسام الجلد. المسام عبارة عن فتحات صغيرة في الجلد، يُفرز من خلالها العرق ومادّة شمعيّة تُسمّى الزّهم (Sebum). عند انسداد هذه المسام، قد يتطوّر المرض الجلديّ المعروف باسم حبّ الشباب. غالبًا ما تظهر هذه البثور على الوجه، ولكنّها يمكن أن تظهر في أيّ مكان تقريبًا على الجسم، بما في ذلك فروة الرأس، الرقبة، الظهر، الكتفين والصدر.

قد يكون الاستحمام بالماء الساخن مريحًا للغاية، كما أنّه فعّال في تنظيف البشرة وإزالة الأوساخ من المسام. مع ذلك، فإنّ الاستحمام بالماء الساخن غير محبّذ، لأنّه قد يسبّب زيادة فقدان السوائل، وكذلك البشرة الحسّاسة، الجافّة أو الدهنيّة.

يؤثّر الماء البارد بشكل مختلف على الجلد، فهو يؤدّي إلى انقباض العضلات الصغيرة الموجودة حول بصيلات الشعر على سطح الجلد، على غرار تأثير القشعريرة. يؤثّر تقلّص العضلات بشكل غير مباشر أيضًا على المسام، ويمكن أن يجعلها أقلّ وضوحًا للعين، ممّا يجعل الجلد يبدو أكثر نعومةً. قد يقلّل الاستحمام بالماء البارد من التورّم، الالتهابات والاحمرار في الجلد، والذي ينشأ من بين أمور أخرى، بعد التقشير والعلاجات التجميليّة أو تحت تأثير بعض منتجات العناية. مع ذلك، فإنّ الماء البارد ينظّف المسام بشكل أقلّ، حيث أنّه أقلّ فاعليّة في التخلّص من الأوساخ والدهون المتراكمة.

إذن أيّهما الأفضل؟ الاستحمام بالماء الدافئ أو الفاتر فعّال للتنظيف الشامل، ولا يجفّف أو يهيّج الجلد مثل الماء الساخن. إذا كنت تريد أن تبدو مسام الجلد أصغر، يمكن إنهاء الاستحمام بالماء البارد. من المهمّ أن نفهم أنّ مسام الجلد تبدو أصغر ليس بسبب انقباضها حقًا، ولكنّها تبدو كذلك للعين فقط.


الإفراط في إفراز الزهم قد يسد المسام ويسبب حب الشباب. بصيلات الشعر والغدة الدهنية  | inspiring.team, Shutterstock

درجة حموضة (pH) الصابون

إحدى الخصائص الكيميائيّة للمواد هي مستوى الحموضة، والذي يُشار إليه بالرقم الهيدروجينيّ ويتمّ تصنيفه عادةً على مقياس من 0 إلى 14 pH. من المعتاد تقسيم المواد إلى أحماض (7 وما تحت - 0 هي الدرجة الأكثر حموضة) وقواعد (7 وما فوق - 14 هي الدرجة الأكثر قاعديّة)، والتي تختلف عن بعضها في سلوكها الكيميائيّ.

يعدّ مستوى حموضة الصابون عاملًا حاسمًا في الحفاظ على صحّة الجلد. تحتوي بشرتنا على درجة حموضة قليلة، والتي تتراوح عادةً من 4.1 إلى  pH 5.8، ويمكن أن يؤدّي مستوى الحموضة غير المتوازن إلى مشاكل جلديّة. تؤثّر العديد من المستحضرات، وخاصّة الصابون القاعديّ بدرجة pH 10 أو أعلى، على بنية بروتينات الجلد، ممّا قد يؤدّي إلى إضعاف الجلد ويزيد من خطر الإصابات والالتهابات. من الأفضل اختيار مستحضرات ذات درجة حموضة قليلة أو محايدة (7-5 pH)، حيث تساعد في الحفاظ على مرونة الجلد الطبيعيّة ولا تسبّب الضرر له. يساعد الصابون الذي يحتوي على درجة حموضة قريبة قدر الإمكان، من درجة الحموضة الطبيعية للبشرة على تقليل الضرر والحفاظ على بشرة صحّيّة.

يتألّف الميكروبيوم الجلديّ من نظام بيئيّ متنوّع، ويتكوّن من أنواع مختلفة من البكتيريا، الفيروسات والفطريّات، كما ويلعب دورًا رئيسيًّا في صحّة بشرتنا بشكل عامّ. يساهم الميكروبيوم المتوازن في تعزيز آليّات الدفاع عن الجلد. يمكن أن يكون للاستحمام المتكرّر بالصابون الصلب القاعديّ تأثير سلبيّ على الميكروبيوم الجلديّ، ويخلّ بالتوازن في ظروفه البيئيّة. قد يساهم هذا في خلق بيئة مواتية لمجموعات البكتيريا الضارّة. لهذا السبب، من المهمّ اختيار أنواع الصابون اللطيفة وغير المهيجة للجلد والتي يمكن أن تدعم الميكروبيوم.


 يؤثر الصابون القاعدي بدرجة  pH 10 وأعلى، على البنية المكانية لبروتينات الجلد. مواد مختلفة على مقياس الـ pH  | المصدر: BlueRingMedia, Shutterstock

الجسم أو اليدَيْن؟

يعتمد التمييز بين صابون اليد، صابون الجسم ومستحضرات الاستحمام على الغرض من استخدام كلّ منها. غالبًا ما يحتوي صابون اليد المخصّص للاستخدام المتكرر على منظّفات قويّة، بما في ذلك المواد الخافضة للتوتّر السطحيّ والمواد القاعديّة، والتي تعمل بشكل فعّال ضدّ البكتيريا والفطريّات، ولكن يمكن أن تؤدّي إلى جفاف الجلد بسبب ارتفاع درجة الـ pH. لذلك، في حالة جفاف جلد اليدين، يُنصح بمحاولة استبدال الصابون بآخر يحتوي على مواد مختلفة أو رطوبة إضافيّة.

عادةً ما يكون صابون الجسم وجلّ الاستحمام ألطف من صابون اليد، وذلك لأنّها غالبًا تحتوي على مرطّبات إضافيّة ومنظّفات لطيفة، لذا فهي مناسبة لمناطق الجسم التي يكون فيها الجلد أكثر حساسيّة. قد يحتوي غسول الاستحمام، على وجه الخصوص، على منعّمات إضافيّة للبشرة، ويأتي في مجموعة متنوّعة من العطور.


غالبًا ما يحتوي صابون اليد على منظفات أقوى من صابون الجسم. صابون اليدين | Yellow Cat, Shutterstock

كيمياء الشامبو

اختيار الشامبو المناسب يبدأ بفهم مكوّناته. المكوّنات النشطة في الشامبو هي مركّبات تنتج الرغوة وتزيل الأوساخ، خلايا الجلد الميّتة والدهون من الشعر. تُدعى هذه المركّبات أيضًا بالمواد الخافضة للتوتّر السطحيّ، وهي مركّبة من جانبان: واحد كاره للماء وهو قابل للذوبان في الدهون، والآخر محبّ للماء، وهو قابل للذوبان في الماء. يرتبط الجزء الكاره للماء بالدّهون والأوساخ، بينما يرتبط الجزء المحبّ للماء بالماء ويذوب فيه. بهذه الطريقة نتمكّن من غسل الماء ومعها الأوساخ. قد تسبّب بعض المركبات الشائعة تهيّجًا للعينين، الجلد وفروة الرأس، لكن طالما أنّ تركيزها في الشامبو منخفض ويقتصر استخدامها على فترة قصيرة، فلا يتوقّع حدوث خطر حقيقيّ على الصحّة. هناك أيضًا بدائل أكثر لطفًا، مثل مركّب "ديسيل جلوكوسايد" (Decyl glucoside)، وهو شائع في شامبو الأطفال.

يساعد بلسم الشعر على إصلاح الأضرار التي لحقت بالشعر بسبب الظروف البيئيّة، وقد تمنع الضرر في المستقبل. تحتوي ألياف الشعر على شحنة كهربائيّة سلبيّة، ومواجهتها للكهرباء الساكنة تجعل الشعر جافًّا ومتموّجًا يحتوي بلسم الشعر على مكونات ذات شحنة كهربائية موجبة، تعمل على تحييد الشحنة السالبة للألياف وبالتالي منع هذه الظّاهرة. يقوم البلسم أيضًا بتغليف ألياف الشعر، ممّا يشكّل طبقة واقية حولها، والتي تحافظ على سلامتها وتقلّل من الاحتكاك بين الألياف المجاورة، ممّا قد يؤدّي إلى تقصّفها. كما أنّ تقليل الاحتكاك بين ألياف الشعر يجعل الشعر يبدو أكثر نعومةً ويعطيه لمعانًا. تساهم بعض المواد الموجودة في البلسم في ملء الشقوق والمناطق التالفة في الطبقة الخارجية للشعر. ممّا يمنح الشعر المرونة ويقويه، ويحافظ على الرطوبة في الشعر. 


تتشكل على فروة الرأس عندما تكون عملية التخلص من خلايا الجلد الميتة سريعة للغاية. فروة الرأس مع قشرة | صورة: Kateryna Kon / Science Photo Library

ماذا يمكننا أن نفعله بالقشرة

تتشكّل القشرة على الرأس عندما تكون عمليّة التخلّص من خلايا الجلد الميّتة سريعة للغاية. هناك عدّة عوامل قد تسرع هذه العملية: جفاف الجلد، الحساسيّة تجاه منتجات العناية بالشعر، خاصّة نشاط الفطريّات الّتي يُسمّى الملاسيزية (Malassezia). يتغذّى الفطر على المواد الدهنيّة التي تنتجها بصيلات الشعر، ممّا يضعف الحماية الطبيعيّة لفروة الرأس الّذي قد يسبّب زيادة في موت خلايا الجلد، وإلى تقشّرها وتساقطها.

يحتوي الشامبو المضاد للقشرة على مكونات مثل الكيتوكونازول (ketoconazole)، بيريثيون الزنك (zinc pyrithione)، حمض الساليسيليك (salicylic acid)، وكبريتات السيلينيوم (selenium sulfate)، والتي تساعد على تقليل القشرة. يعمل المكوّنان الأوّلان على محاربة الفطريات الملاسيزيّة نفسها، حيث يساعد حمض الساليسيليك على إزالة الجلد الميت، بينما تحارب كبريتات السيلينيوم الفطريات وتقلل أيضًا من تكوين القشور. على الرغم من أنّ استعمال قطران الفحم (Coal tar) كان شائعًا لفوائدِه الصّحّيّة المضادّة للفطريات والالتهابات، إلّا أنّ رائحته ولونه الغامق قد يتسبّبان في تلطيخ الجلد. لذلك، يعتبر الشامبو هو الاختيار الأفضل، بحيث يحسّن صحّة فروة الرأس ويخفّف من أعراض القشرة.

لذلك، من أجل الاستحمام والتنظيف بأفضل طريقة بالنسبة لنا، من المفيد معرفة البدائل الممكنة، وبنفس القدر من الأهمّيّة، الاهتمام باحتياجات الجسم. سواء اخترنا الماء البارد أو الساخن، الصابون السائل أو الصلب، أو أيّ تفضيل آخر، سيكون له تأثير كبير على صحّة بشرتنا وشعرنا.

0 تعليقات