إنّ وراء هذه العادة اليوميّة لمدّ الأعضاء في السرير توجد آليّة فيزيولوجيّة ذكيّة، من شأنها أن تساعدنا على تهيئة أجسامنا للعمل المُنتظر خلال النهار
تمّ تسجيل المقال من قبل المكتبة المركزية للمكفوفين وذوي العسر القرائي
للقائمة الكاملة للمقالات الصوتيّة في الموقع
يرنّ المنبّه. لقد حان وقت الاستيقاظ. تحتارون للحظةٍ أو اثنتين وأنتم في السرير "هل يجب أن أستيقظ الآن أم بعد خمس دقائق أخرى؟"، لكنّكم في النهاية تقرّرون أن تستيقظوا وأن تبدؤوا يومكم. ما الّذي علينا فعله الآن؟ سوف نتمطّى!
لماذا يُعتبَر التمطّي في الصباح أمرًا ممتعًا للغاية؟
التمطّي صباحًا هو سلسلة متزامنة من حركات تمدّد في مناطق مختلفة من الجسم. هذه الظاهرة شائعة جدًّا لدى العديد من الحيوانات، من بينها الثديّات والطيور وحتّى العناكب. في الكثير من الأحيان، يكون التّمطّي الصّباحيّ مصحوبًا بالتثاؤب، وهو نوع من التمدّد المُركَّز للفم، والّذي على ما يبدو يساعد أيضًا على تبريد الدماغ. بحسب المنطق التّطوريّ، فإنّ شيوع ظاهرة ما بشكل واسع، يعني غالبًا أنّها تخدم احتياجًا معيّنًا. هناك عدّة فرضيّات حول الاحتياجات الّتي يلبّيها التّمطّي الصّباحيّ، ولكن حتّى الآن لا توجد إجابة قاطعة حول هذه المسألة.
الجميع يحبّ التمطّي- حتّى الحيوانات. كلب بولدوج يمدّد ساقيه | Shutterstock, Springmood137
نتمطّى لكي نستيقظ
جسمنا مبني من أجل أن يتحرّك. وطالما أنّنا في حالة حركة، فإنّ السائل الّذي يقوم بتليين مفاصلنا يتجدّد، وتظلّ العضلات دافئة ومرنة، وتستمرّ العظام في تلقّي المحفّزات الّتي تقوّيها، والدم يستمرّ في التدفّق إلى جميع الأعضاء وتغذيتها بالأوكسجين.
ولكن ما العمل؟ نحتاج إلى النوم أحيانًا.
يشكّل الماء ما بين نصف إلى ثلثي وزن الجسم، وتحتاج السوائل مثل الدم والسوائل الليمفاويّة إلى الانتقال من مكان إلى آخر في جميع أجزاء الجسم. الحركة تساعدنا في ذلك. أثناء النوم تكون أجسامنا مستلقية لفترة طويلة بوضعيّة متوازنة ودون حركة، وهكذا فإنّ السوائل، الّتي تكون قد تركّزت خلال النهار في منطقة الساقين بسبب تأثير الجاذبيّة، تستطيع الوصول بسهولة أكبر إلى المناطق العلويّة من جسمنا، كالصدر والرقبة. بالإضافة إلى ذلك أيضًا، فأثناء النوم، تكون وتيرة نبضات القلب أبطأ، وبالتالي فإنّ تدفّق الدم يصبح أبطأ وتنخفض درجة حرارة الجسم. وأخيرًا، أثناء النوم نحن لا نأكل ولا نشرب، ولذلك فإنّ الجسم يقلّل من عمليّة إنتاج البول، من أجل الحفاظ على الماء ومنع الجفاف. تخزين السوائل وانخفاض تدفّق الدم بسبب الاستلقاء لفترة متواصلة، بإمكانهما أن يؤديا إلى جعلنا نستيقظ صباحًا مع شعور بالتصلّب والتّورّم في مناطق معيّنة مثل الوجه على سبيل المثال.
أحد التفسيرات المحتملة للتّمطّي هو أنّه ينشّط تدفّق الدم ويحرّر السوائل الّتي تكون قد خُزّنت أثناء النوم، وبذلك فهو يساعد الجسم على أن يعيد توزيعها في جميع أجزائه، وهكذا نشعر بأنّنا أقلّ تصلّبًا وأكثر مرونة.
تحتاج العضلات أيضًا إلى أن تتمدّد في الصباح. أثناء النوم تكون معظم العضلات الإراديّة، مثل عضلات الذراعين والساقين، في حالة ارتخاء، وعندما نستيقظ تشتدّ مجدّدًا وتبدأ في العمل. وفقًا لفرضيّة ثانية، فإنّ التّمطّي الصّباحيّ هو الطريقة الّتي يقوم بها الجهاز الحركيّ- الّذي يشمل العضلات والعظام والأنسجة الأخرى مثل الأوتار والغضاريف- بمعايرة (ضبط) الجهاز العصبيّ بعد النوم. العضلات والأنسجة الرخوة المحيطة بالأعصاب مشتبكة بمستقبلات حسّيّة، ترسل معلومات إلى الدماغ حول التغيّرات في طول الأنسجة الّتي تتواجد فيها. التّمطّي في الصباح "يشغّل" هذه المستقبِلات ويخبر الدماغ: "لقد تحرّكت العضلات. استيقظنا". استجابةً للتمطّي، يرسل الدماغ للعضلات أمرًا بالانقباض وإنهاء الارتخاء، والآن أصبح الجهاز مستعدًّا للحركة.
هل يفسّر هذا الوصف حاجتنا أيضًا إلى التّمطّي بعد الجلوس أو الوقوف لفترة طويلة ومتواصلة خلال النهار؟ أجل ممكن، ولكن بعد الجلوس لفترة طويلة متواصلة، يشعر الكثير منّا بعدم الراحة، وتصلّب العضلات وأحيانًا بالألم. إن التّمطّي في هذه الحالة هو عمل إراديّ يخفّف عنّا كلّ ذلك، ويتيح لنا الحفاظ على صحّة عضلاتنا ومفاصلنا، ويساعدنا على الوقاية من أمراض مثل مرض السكّريّ وارتفاع ضغط الدم، بل ويساهم في الحفاظ على صحّة الدماغ. لذا، لو كنتم قد استيقظتم للتو، أو قد جلستم لخمس ساعات على الكرسي في المكتب- خذوا لحظة وتمطّوا، فإنّ ذلك سيفيدكم!