يُعتبر التمر طعامًا مميزًا يضيف مذاقًا حلوًا لمائدة الإفطار في شهر رمضان. وصفتان علميّتان احتفاليّتان بطعم يجعلك تريد المزيد.
يُعتبر التمر من أكثر الثمار ارتباطًا بمنطقتنا، فلا عجب أنه يحتلّ مكانة مركزيّة في جميع ثقافات الشرق الأوسط. تمّ ذكر تمر النخيل 14 مرة فقط في التوراة - العهد القديم "التناخ"(Tanakh)، وبالطبع عُرِفَ كواحد من الأنواع السبعة التي تباركت الأرض فيها وفقًا للتقاليد اليهوديّة. استخدم المكَّابيون فروعها كرمز لانتصاراتهم. تظهر اللوحات القديمة أنّ قدماء المصريين رأوا شجر النخيل رمزًا لطول العمر، بينما كان التاريخ بالنسبة للمسيحيين الأوائل يرمز إلى الصدق، الحبّ والخصوبة، وكانوا يزيّنون كنائسهم بفروعها. في الإسلام، رأى النبي محمد صلى الله عليه وسلّم في النخيل شجرةً مباركة، وقد جاء ذكر التمر بتسمياتٍ مختلفةٍ في القرآن 22 مرة. ووفقًا للتقاليد، فيعتبر النخيل من الأشجار المباركة ويُكره على المسلم المؤمن إتلاف نخلة تثمر تمرًا، كما وقد جاء في السُّنة أكل التمر كطعامٍ مغذٍّ للأبدان، ومن المتّبع في شهر رمضان كسر الصّيام بتمرة قبل الإفطار.
تعتبر فاكهة التمر مهمّة جدًّا في شهر رمضان للمسلمين وكذلك في تقاليد عيد الفصح اليهوديّ ، ولها استعمالات عدّة في المطبخ في كلتا المناسبتين. قمنا هذه المرة باختيار وصفتين للتمور. ترتبط الأولى بالتقاليد اليهوديّة، في وجبة ليلة الفصح -"ليل هسيدر" (Passover Seder) في عيد الفصح اليهوديّ. أمّا الوصفة الثانية فمن المطبخ العربيّ الإسلاميّ: حلوى تعتمد على التمور المستخدمة للتحلية عند وجبة الإفطار في شهر رمضان. كلتا الوصفتيْن تجمع بين التفاح، الجوز والفستق، المسؤولة عن القوام، مع التمر الذي يساهم في توحيد المكوّنات والحلاوة.
تعتبر فاكهة التمر مهمّة جدًّا في تقاليد عيد الفصح اليهودي وشهر رمضان للمسلمين، ولها استعمالات عدّة في المطبخ في كلا المناسبتين. | تصوير: SMarina Shutterstock
تروفل (Truffle) التفاح والتمر
المكوّنات:
-
4 حبّات تمر كبيرة منزوعة النوى
-
كوب من الماء المغليّ
-
1 تفاحة صغيرة
-
½ كوب من الجوز
-
¼ كوب من الفستق الحلبيّ النيّ (غير مملّح)
-
القليل من الملح
-
1-2 ملعقة كبيرة من عصير الإجاص، أو التفاح أو الرمّان
-
¼ كوب من السكّر
-
½ ملعقة صغيرة قرفة مطحونة
طريقة التحضير:
-
نقوم بوضع التمر في وعاء ونسكب فوقه الماء المغليّ، ثمّ نضعه جانبًا لمدّة ساعة تقريبًا، ثمّ نخرجه من الماء. يساعد نقع التمر في الماء على تليينه.
-
نقوم بتقشير التفاحة وبرشها، ثم نضع لبّ التفاح المهروس على ورق ماصّ لإزالة السوائل الزائدة.
-
يجب طحن الجوز والفستق الحلبيّ بضربات في محضّر الطعام لقطع صغيرة جدًّا لكن ليس إلى مسحوق، ثمّ نقله إلى صحن.
-
يُطحن التمر في محضّر الطعام حتّى نحصل على عجينة ناعمة. أثناء الطحن، نضيف 1-2 ملعقة كبيرة من عصير الفاكهة.
-
نُضيف خليط المكسّرات المطحون والملح إلى التمر، ثم نشغّل محضّر الطعام ضربة أو ضربتين ليتجانس الخليط. نقوم بإضافة التفاح المبشور، ونشغّل محضّر الطعام ضربة إضافية لخلط المكونات. من المهمّ ألّا يصبح قوام الخليط كالمرهم، يجب أن يكون ملمسه خشنًا.
-
يجب نقل الخليط إلى وعاء، ثم تغليفه بنايلون لاصق، ووضعه في الثلّاجة لمدّة نصف ساعة على الأقلّ.
-
نقوم بخلط السكّر والقرفة في وعاء واسع.
-
نخرج المزيج الرطب من الثلاجة، ونصنع منه كرات بمساعدة معلقة، وندحرجها في خليط السكّر والقرفة حتّى تُغطَّى من كلّ الجهات.
تروفل التفاح والتمر| تصوير: Antoshkina Viktoriia Shutterstock
مدكوكة التَّمر: حلوى لكسر الصيام في رمضان
المكوّنات:
-
¼ كوب من الفستق الحلبيّ المطحون خشن
-
¼ كوب من شرائح اللوز
-
¼ كوب من الكاجو المطحون خشن
-
ملعقة كبيرة من العسل
-
500 جرام تمر مجهول منزوع النّوى (حوالي 36 حبة تمر)
-
ملعقتان كبيرتان من الزبدة
-
½ ملعقة صغيرة من الهيل المطحون (حسب الرغبة)
-
4-5 ملاعق كبيرة من رقائق جوز الهند
طريقة التّحضير:
-
نقوم بخلط الفستق الحلبيّ والعسل بوعاء، ثمّ يوضع جانبًا.
-
يُطحن التمر بضربات قصيرة في محضّر الطعام حتّى نحصل على خليط كثيف.
-
نذوّب الزبدة في مقلاة، ونضيف التمر والهيل، ونقليها لمدّة 5 دقائق على نار متوسّطة. نستمرّ في تقليب الخليط بشكل مستمرّ حتّى لا يحترق التمر. نقوم بخفض اللهب، ونستمرّ في الخلط لمدّة 5 دقائق حتّى يتحوّل الخليط لعجين، ثمّ نزيله عن النار.
-
نضيف اللوز والكاجو ونخلطهم حتّى يصبح الخليط متجانسًا.
-
بعد أن يبرد الخليط، نقوم بلفّه على شكل أسطوانة بمساعدة ورق الزبدة (مثل السوشي). نزيل ورق الزبدة و ندحرجها على رقائق جوز الهند، حتّى تُغطّى من جميع الجهات، ثمّ ندخلها إلى الثلاجة لمدّة ساعة على الأقل.
-
نقطّعها إلى شرائح. تُقدَّم في درجة حرارة الغرفة.
مدكوكة التَّمر: حلوى لكسر الصيام في رمضان | تصوير: Rainbow_dazzle Shutterstock
الآن لننتقل إلى العلم
ثمار التمر هي الفاكهة الحلوة لأشجار نخيل التمر الشائعة (Phoenix dactylifera)، التي تزدهر في المناخات الحارّة بالقرب من مصادر المياه، وأصولها في صحاري الشرق الأوسط وأفريقيا. ينتمي التمر إلى الفصيلة النخليّة (Arecaceae) الكبيرة، والتي تضمّ حوالي مئتي جنس (genre) وأكثر من 2500 نوع (species). تنمو الأنواع العديدة المعروفة لثمار التمر بين شواطئ المحيط الأطلسيّ - غرب الصحراء الكبرى، على طول شمال إفريقيا حتّى شبه الجزيرة العربيّة. ومن هناك انتشروا في وسط أفريقيا وجنوب أوروبا. درجة الحرارة المُثلى لنُضج الثّمار هي 30 درجة مئويّة.
تنمو الثمار من زهور التمر الصغيرة والصفراء. تتكوّن ثمار التمر من نواة واحدة محاطة بقشرة ليفيّة، وحولها قشرة لحميّة مغطّاة بقشرة صلبة خارجيّة، تحمي الأجزاء الداخليّة. تختلف التمور التي تنمو في مناطق مختلفة عن بعضها البعض في الشكل والحجم والوزن. قد تكون هناك أيضًا اختلافات في طعمها ورائحتها، وميزات أخرى التي نشعر بها في حواسنا.
تبدأ ثمرة التمر في تطوّرها كنواة بنيّة وتُسمّى باللغة العربيّة حَسَّليّة (حبوبك). ومنها تتطوّر فاكهة خضراء غير ناضجة وقاسية تُعرَف باسم الكيمري. المرحلة التالية هي البسر (الخلال)، بحيث تصل الثمرة إلى الحدّ الأقصى من حيث الحجم والوزن، لكنّ لونها لا يزال أصفر أو ورديّ أو أحمر، حسب صنفها. تكون الثمار غير ناضجة وقوامها صلب. فيما بعد تصبح الثمرة "رُطبًا": يصبح لونها داكنًا أكثر، يلين قوامها وتقلّ صلابتها (astringency). أخيرًا، يتمّ الحصول على التمر الناضج، ذات اللون البنيّ الغامق في معظم الأصناف، ملمس ناعم ومظهر مجعّد. في هذه المرحلة، تكون نسبة الماء في الثمرة أقلّ من 30 بالمائة.
تُعدّ ثمار التمر غنيّة بالكربوهيدرات، الألياف الغذائيّة، البروتينات، المعادن والفيتامينات من مجموعة فيتامين ب (Vitamin B): الثيامين (B1)، الريبوفلافين (B2)، النياسين (B3)، حمض البانتوثنيك (B5)، البيريدوكسين (B6) وحمض الفوليك (B9). أكثر من 70 في المائة من محتوى الفاكهة الناضجة عبارة عن سُكّريات، لذا فإنّ التمر الناضج مصدر جيّد للطاقة. كلّما كانت الثمرة ناضجة أكثر، يرتفع مستوى السُكّر. السُكّريّات الرئيسيّة في الفاكهة هي الجلوكوز (سكّر العنب)، الفركتوز (سكّر الفاكهة) والسكروز (السكّر الأبيض). تعتبر التمور أيضًا مصدرًا للمعادن، حيث تحتوي على البوتاسيوم، الكالسيوم، الزنك، الفوسفور، المغنيسيوم، الصوديوم والحديد وغيرها. تحتوي التمور الطازجة على فيتامينات أكثر مقارنةً بالتمور المجفّفة، حيث يتلف بعضها أثناء التجفيف.
علم التمور| مخطّط المعلومات البيانيّ: د. دافنا مندلر وماريا جورخوفسكي
مضادَّات الأكسدة من التمر
التمر غنيّ بالمواد الكيميائيّة النباتيّة - المواد التي تساعد النباتات على الحماية من الآفات مثل الفطريّات، البكتيريا، الفيروسات وبعض الحشرات - بما في ذلك الكاروتينات (Carotenoids ) والعفص (Tannins ) والستيرول (Sterol). يختلف تركيز هذه المواد وتكوينها، حسب ظروف النموّ وتاريخ الحصاد وطرق تخزين الثمار ومعالجتها.
تحظى مضادّات الأكسدة باهتمام كبير في الوسط العلميّ والطبّيّ، لأنّها تقوم بتنشيط آليّات خلويّة، التي تساعد بدورها في إبطال فعاليّة الجذور الحرّة (free radicals) - المواد التي تشارك بسهولة في التفاعلات الكيميائيّة، والتي يمكن أن يتسبّب بعضها في تلف الخلايا. لذلك، لديها القدرة على التأثير في تطوّر أمراض القلب والسرطان ومرض الزهايمر ومرض باركنسون، على الرغم من عدم وجود أدلّة وازنة، على أنّ زيادة استهلاك مضادّات الأكسدة أمر مفيد بالفعل.
ينتج جسم الإنسان بشكل طبيعيّ مضادّات الأكسدة، لحماية نفسه من أضرار الجذور الحرّة الزائدة، والمواد الأخرى التي تنتج بسهولة تفاعلات كيميائيّة مع الأكسجين. مع ذلك، فإنّ مضادّات الأكسدة هذه ليست كافية لإبطال فعاليّة جميع الجذور الحرّة التي تنتجها، فأجسامنا بحاجة إلى تعزيزات خارجيّة. تشير الدراسات إلى أنّ مادّة البوليفينول (Polyphenole)، الموجودة بوفرة في الفواكه والخضراوات، فعّالة كمضادّات للأكسدة. بما أنّ التمر يتعرّض لساعات طويلة للشمس ودرجات الحرارة المرتفعة، الأمر الذي يشجّع على تكوين موادّ ضارّة بالنبات، فهو غنيّ بمركّبات البوليفينول المضادّة للأكسدة. من بين مضادّات الأكسدة الشائعة في التمر جزيئات من عائلة الكاروتين، والتي تتحوّل في الجسم إلى فيتامين أ (Vitamin A).
توجد لأشجار النخيل استخدامات عديدة ومتنوعة. تستخدم أغصان النخيل في تسقيف العرائش والمنازل، ويستخدم عذق التمر - الأغصان التي ينبت منها الثمار - في نسج السلال، وتستخدم الساق في البناء، وتستخدم الثمار في الأكل وصنع النبيذ وعسل التمر. كلّ ما تبقّى هو الاستمتاع بثمار التمر وصنع الأطعمة الشهيّة منها. بصحّة وعافية، وفقط في المناسبات السعيدة!