ينبعث إلى الغلاف الجوِّيّ غاز محظور بحسَب الاتفاقية الدُّوليّة، ويتسبَّب في إعاقة إصلاح طبقة الأوزون. كشفت عملية تحرٍّ كيميائية أنّ الغاز المحظور يُنتَج في شمال شرق الصين
الثقب في طبقة الأوزون هي تسمية أُعطِيت لظاهرة انخفاض تركيز الأوزون في الغلاف الجوِّيّ خلال العقود الأخيرة. الأوزون هو جزيء يتكوَّن من ثلاث ذرّات من الأوكسجين، بعكس الجزيء العاديّ من الأوكسجين، الذي يتكوَّن من ذرّتين. جزيء الأوزون يميل إلى التعامل مع موادّ مختلفة أكثر من ميله إلى التعامل مع جزيء الأوكسجين العاديّ. كما ويمتصّ الأوزون بطريقة ناجعة الأشعّة فوق البنفسجيّة المنبعِثة من الشمس، وهكذا فإنّ طبقة الأوزون تحمينا من هذه الأشعّة الضارّة، التي تسبِّب - فيما تسبِّب - سرطان الجلد. طبقة الأوزون موجودة في طبقة الغلاف الجوِّيّ المسمّاة ستراتوسفير، بارتفاع 20-40 كم تقريبًا.
تتضاءل طبقة الأوزون في العقود الأخيرة بشكل ملموس جدًّا، وخاصّة فوق القطبين. ينخفض تركيز الأوزون، ويخترق الغلاف الجوّيّ مقدار أكبر من الأشعّة فوق البنفسجية المسبِّبة للسرطان. مصدر الاستنزاف هو نشاط إنسانيّ، وبالأخصّ انبعاث غازات التبريد المختلِفة - وعلى رأسها غاز الفريون - التابعة لمجموعة الكيماويّات المسمّاة "الغازات "الكربونية الكلورينية-الفلورينية"/ غازات "الكلوروفلوروكربون"، CFCs. تنبعث هذه الغازات إلى الجو، وتصل إلى الستراتوسفير وهناك تسبِّب استنزافًا كبيرًا لطبقة الأوزون.
ينصّ بروتوكول مونتريال من سنة 1987 على تحديد تصنيع هذه الموادّ الكيماويّة، وبشكل عامّ يُعتبَر هذا البروتوكول من إحدى أنجح الاتفاقيّات البيئية التي عُرفَت ذات مرّة: وقَّعت عليه دول كثيرة جدًّا، من بينها إسرائيل، ومع السنين تمّ التقليل من إنتاج هذه الموادّ إلى أبعد الحدود، حتى توقَّف بشكل شبه كلِّيّ. وبدلًا من هذه الموادّ انتقلنا إلى استخدام موادّ بديلة، لا تمسّ بطبقة الأوزون لأنها تتحلَّل قبل وصولها إلى ارتفاع كبير حيث توجد هذه الطبقة. بعد نجاح الاتّفاقية وتقليص إنتاج الموادّ المذكورة، بدأ وضع طبقة الأوزون بالتحسُّن، حيث أنّ وتيرة إنتاج الأوزون تفوق وتيرة تحلُّله: خلال سنوات التسعينيّات توقف تراجع طبقة الأوزون، وفي مطلع سنوات الألفين أخذ تركيز الأوزون يرتفع بمقدار معتدل. يقدِّر الخبراء أنّه - بحَسَب الإيقاع الحاليّ - سيتحسَّن وضع طبقة الأوزون كلِّيًّا بين السنوات 2050 حتى 2080.
ثقب في البروتوكول
في مطلع سنة 2018، تمّ تشخيص مشكلة في هذا التنبؤ المتفائل: تبيَّن أنّ تركيز إحدى الموادّ الضارّة لطبقة الأوزون، المعروفة باسم CFC-11 قد انخفض بوتيرة أقلّ من المتوقَّع بكثير منذ سنة 2012، بعكس سائر الموادّ الضارّة. كشف أنّ السبب - على ما يبدو - هو إنتاج محظور لهذه المادّة الكيماويّة، ممّا يخالف الاتِّفاقيّة. إذا لم يتمّ إنتاج هذه المادّة سيتأخّر إصلاح طبقة الأوزون بعدّة سنوات على الأقلّ.
والآن، نجح الباحثون بتقليص المساحة المصابة، والتأكيد على أنّ مصدر الإنتاج المحظور هو المصنع الموجود - بشكل شبه مؤكَّد - في شمال شرق الصين. بحَسَب مقال نُشِر مؤخَّرًا، فإنّ مصدر كلّ الارتفاع في تركيز الغاز المحظور في الغلاف الجوِّيّ هو إقليمان في الصين، وتقريبًا ليس هناك أيّ انبعاث لهذا الغاز من أيّ منطقة أخرى في العالم ، أو في مناطق أخرى في الصين. مع ذلك، فإنّ البحث لم ينجح بتقليص المِنْطَقة المشكوك بها، وهي منطقة واسعة/ كبيرة، ففي هذين الإقليمين يعيش حوالي 150 مليون نسمة.
والآن، لم يبق إلّا مشاهدة السلطات الصينية تهبّ لتحدِّد مراكز الإنتاج المحظور وتضع حدًّا لها، وهكذا يمكن أن يستمرّ إصلاح طبقة الأوزون بنجاح. وبما أنّ الصين قد صرَّحت قبل سنة، بعد اكتشاف الإنتاج المحظور، أنّها ملزَمة ببروتوكول مونتريال، وبنيَّتها أن توقف أيّ إنتاج موادّ محظورة من شأنها أن تضرّ بطبقة الأوزون، فعلى ما يبدو هناك سبب للمحافظة على التفاؤل.