توجد المسامير بكثرة في لعبة كرة القدم، ليس في الطريق إلى الملاعب، بل في أسفل نعال أحذية اللاعبين. والسؤال هو: هل يُعد استخدامها ضارًا بصحة لاعبي كرة القدم؟
أحذية المسامير هي أحذية توجد في باطنها نتوءات/ مطبّات تشبه المسامير، من شأنها تحسين قبضة الأحذية على العشب. تُعتبر الأحذية مُلحقَ (إكسسوار) لباس مهم جدًا للاعبي كرة القدم بشكل خاص. لكن استخدامها على نطاقٍ واسع يتطلب فحص إذا ما كان هذا الاستخدام أثناء اللعب على سطحٍ صلب هو أمرٌ لا خطورة فيه. غالبًا ما يبدأ الأولاد، بشكلٍ خاص، الذين لا تزال عظامهم وعضلاتهم في مرحلة النمو، في اللعب في هذه الملاعب ذاتها، بل في مواقف السيارات، أيضًا.
بدأ استخدام أحذية المسامير في الولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، خاصةً في ألعاب البيسبول. أصبح استخدام هذه الأحذية اليوم شائعًا جدًا في لعبة كرة القدم، وهناك مجموعة متنوعة من الأحذية، من مختلف النماذج والأنواع. تختلف النماذج بعضها عن البعض في عدد المسامير الموجودة في باطنها، حجمها، المادة التي صُنعت منها، كثافتها وفي شكلها.
تتمثل وظيفة المسامير في منع الإفراط في تمدد العضلات، توفير قوة مقاومة شديدة بقدر الإمكان،نظرًا لانغرازز المسامير في العشب الجاف قليلاً، الأمر الذي يزيدالاحتكاك ويمنع اللاعب من الانزلاق أو الوقوع في الملعب. كما أن هذه المسامير تعمل على تسهيل تغييرات الاتجاه المفاجئة. وجدت دراسة أجريت في عام 2011 على يد باحثين ألمانيين، والتي قامت بإجراء مقارنة بين أحذية من مختلف الأحجام، أنّ تصميم الأحذية له تأثير كبير على سرعة الركض في الملعب، على قوة ركلة الكرة ومدى دقتها أيضًا. هنالك أيضًا تأثير للمادة التي تُصنع منها المسامير - المسامير المصنوعة من البلاستيك والمطاط هي أكثر مرونة في حين أن المسامير المعدنية هي أكثر ثباتًا وصلابة. لهذا السبب، يتم استخدام المسامير المعدنية، أو المسامير التي تحتوي على نسبة عالية من المعدن، في الأسطح الرطبة.
قارنت دراسة أخرى من العام 2015 مدى ثبات نوعين من الأحذية على سطح صلب وعلى سطح مغطى بمادة رغوية. تمّ تصميم نوعيّ الأحذية لكي يتلاءَما مع السطح الصلب، لكنهما يختلفان بعضهما عن البعض في المادة التي صُنع منها باطن الحذاء، وفي عدد المسامير: في أحدهما، في داخل باطن الحذاء، يوجد 12 مسمارًا، بعضها مخروطي الشكل وبعضها عبارة عن سلاسل مثلثة. وفي النوع الثاني، يوجد 70 مسمارًا صغيرًا تمّ توزيعها بشكلٍ موحد على كل باطن الحذاء. على السطح الصلب، منحتنا الأحذية ذات العدد الأقل من المسامير ثباتًا أكبر، بينما لم تُلاحظ أي فروقات بين نوعي الأحذية على السطح الرغوي. أعطى كل من نوعيّ الأحذية ثباتًا أكبر على السطح الصلب مما هو على السطح الرغوي. يبدو أن سبب الثبات المرتفع للأحذية ذات عدد المسامير الأقل، على السطح الصلب، يرجع إلى الاختلاف في حجم المسامير. بالتالي، فإن لحجم المسامير أهمية أكبر من عددها. مع ذلك، في السطح الرغوي، تساعد المسامير (بغض النظر عن نوع الحذاء) على "انغراز" الأحذية، وتقلل من ثباتها على السطح، وبالتالي لا يوجد، في الغالب، ثبات لأحذية المسامير على مثل هذا النوع من الأسطح.
تتطور التقنيات الموجودة في الوقت الحاضر لإنتاج أحذية المسامير، لدرجة أنه أصبح بالإمكان مُلاءَمةأنواع مختلفة من الأحذية للاعبين ذوي وظائف مختلفة في الملعب. على سبيل المثال، تتمثل إحدى مهام مركز الملعب في كسب المواجهات مع اللاعبين المتنافسين على الكرة الموجودة في الهواء. سوف يلائم مثل هذا اللاعب حذاء ذو توزيع مُتساوٍ من المسامير على سطح باطن الحذاء، يسمح بالتنقل عند القفز والهبوط على الأرض.
ظهرت هذه الأحذية لأول مرّة في لعبة البيسبول حتى وصلت إلى كرة القدم منذ 150 عامًا. أحذية مسامير قديمة - تصوير: Shutterstock
المسامير والصحة
على الرغم من أن أحذية المسامير من شأنها منع أو، على الأقل، تقليل الأضرار الناجمة عن تمدد العضلات، إلا أنها قد تتسبب في حدوث إصابة. يتشاطر الخبراء اليوم الآراء المختلفة حول نوع المسامير المناسبة لكل نوع من الأسطح، بالنسبة لخطر الإصابة، وذلك مع وجود نقص في البيانات الموثوقة حول الأضرار طويلة الأجل التي قد تحدث للأطفال الذين يبدأون لعب كرة القدم في سن مبكرة.
لقد ساهم نقص التوحيد في طرق البحث، وكذلك حقيقة أن بعض الدراسات في هذا المجال تم تمويلها من قبل الشركات المُصنعة للأحذية، في هذا الجدل. بحَث مقال استطلاعي من العام 2017 الدراسات السابقة التي أبلغت عن خطر الإصابة بسبب استخدام عدة أنواع من أحذية المسامير على الأسطح المختلفة. فحصت الدراسات التي تمت مراجعتها الآثار الصحية المترتبة على ممارسة الركض، التزحلق، وتغيير الاتجاه باستخدام أحذية المسامير. تراوحت أعمار اللاعبين في هذه الدراسات بين 8-26 سنة، معظمهم من الذكور، وهم لاعبون بمستوى الهواة (لا يلعبون في دوري المحترفين).
أثناء دراسة الأضرار الناجمة في سطح من العشب الصناعي وسطح من العشب الطبيعي، تبيّن أنّ النموذج المعروف باسم TF، الذي يحتوي على أكثر من 55 نتوءًا مطَّاطيًّا في أسفل نعل الحذاء، قد ساهم أكثر من أيّ نوع آخر، في تقليل خطر إصابة الكاحل والركبة نتيجة للتغير المفاجئ في اتجاه اللاعب، وهي أمور شائعة في لعبة كرة القدم، والوقاية من الإصابات الناجمة عن الجهد المتكرر مع مرور الوقت.
أظهر الاستطلاع، أيضًا، أن استخدام جميع أنواع أحذية المسامير يزيد من احتمال حدوث التهاب في صفيحة النمو(الغضروف) في العقب، وهي ظاهرة شائعة عند الأطفال، لأن عظام العقب لا تزال في مرحلة النمو.المسامير الحادة تزيد من خطر الإصابة بالضرر، بسبب الضغط العالي على جانبي القدم، بالمقارنة مع الدائرية.
على الرغم من أن النموذج TF أدى لضرر أقلّ، بالمُقارنة مع النماذج الأخرى، في كل من أسطح العشب الصناعي والعشب الطبيعي، فقد كانت هناك، أيضًا، تكهنات بأن تأثير السطح على حدوث خطر الإصابات هو أكبرمن تأثير الأحذية نفسها. كان الضرر الناجم عن التفاف القدم أقل على العشب الطبيعي مما هو على أربعة أسطح عشب اصطناعية تم فحصها، بغض النظر عن نوع الحذاء.
يبدو أن لأحذية المسامير أهمية كبيرة في تحسين أداء لاعبي كرة القدم في الملعب. على الرغم من ذلك، من المهم اختيار نوع الأحذية بعناية شديدة وفقًا للسطح الذي سوف يلعب عليه اللاعبون . قد تكون نتائج البحث بمثابة أساس للتوصيات الطبية التي يُقدمها الأطباء الرياضيُّون للاعبي كرة القدم الشباب في بداية حياتهم المهنية. مع ذلك، هناك حاجة إلى إجراء دراسات إضافية لتأكيد أو دحض استنتاجات هذه الدراسة. من الواضح أن استخدام أحذية المسامير له تأثيرٌكبير في الإصابات التي تحدث للاعبي كرة القدم، لذلك، يتوجب علينا أن نكون أكثر يقظة بخصوص بعض الأحذية، وذلك للحفاظ على صحة لاعبي كرة القدم.
شاهدوا فيديو لهيئة البث الإذاعية "مكان" و معهد دافيدسون عن أحذية المسامير:
الترجمة للعربيّة: بنان مواسي