يُقدِّرُ العلماء أنّ الكرةَ الأرضيّة تكوّنت قبل 4.5 مليارد سنة في خِضَمِّ تكوّنِ المنظومة الشَّمسيّة. وَقبلَ حوالي 3.5 مليارد سنة فقط، بَدَأَتِ الكائناتُ أُحاديّة الخلايا الأوّليّة بالظُّهُور. بينما ظَهَرَت أوائلُ الكائنات عديدةُ الخلايا قبل 1.5 مليارد سنة فقط. في البداية، ظَهَرَت كائناتٌ على شكلِ كُتَلٍ بسيطة من الخلايا، وبعدَ ذلك كائناتٌ معقّدةُ التّركيب مع أَنسِجَةٍ وأَعضَاء. حَدَثَ التَّغييرُ الدّراماتيكيّ قبل حوالي نصف مليارد سنة، وفيه، وَخِلالَ فترةٍ لا تتعدّى الـ30 مليون سنة، وُضِعَ الأساسُ لكلِّ سُلالةِ الكائناتِ الحيّة الّتي نراها اليوم. يروي الفيلمُ القَصير، بِشكلٍ مبسّطٍ، تطوُّرَ الحياةِ من بداية نشأتها وحتَّى وُجُودِ الإنسان. من المهمِّ التّنويه أنَّ في الفيلمِ بَعضَ النِّقاطِ غيرِ الدَّقيقة. تفاصيلُ أوفى، ستأتي لاحقًا.
تمّت ترجمةُ هذا الفيلم من قِبَل طاقم موقع دافيدسون عبر الإنترنت. الفيلم من إنتاج cassiopeia project
ننوّهُ بدايةً، أنّ العمليّة المعروضة في الفيلم هِيَ تفسيرٌ علميّ مَقبولٌ اليَومَ لدى الأوساطِ العلميّة، ومدعومٌ بشهاداتٍ مِنَ المتحجّرات والتَّحليلاتِ الوراثيّة. لا يُمكِنُ إثباتُ أجزاءٍ عديدةٍ في هذه النّظريّة بشَكلٍ قاطعٍ (وتحديدًا، ما قد حَدَثَ قبل نصف مليارد سنة)، وذلك لِقِلَّةِ المتحجّرات لأسباب جيولوجيّة، وبسببِ مميّزاتِ الكائنات الحيّة الّتي عاشت في تلك الفترة (نَقصُ المناطق الصُّلبَة في الجسم، والَّتي تسهِّلُ تكوُّنَ المتحجّرات). الجزءُ الأكثر إثارةً للجدل هو كيفيّة إنتاجِ الخليّة الأولى، أي تكوّن الحيِّ من الجماد. لا توجد إثباتاتٌ لهذه المرحلة، لكنَّ تقليدَ الشُّروط الّتي قدّروا وجودَها على الكرة الأرضيّة في تلك الفترةِ في شروطٍ مخبريّة، أثمرَ عَن تكوّنِ سائِلٍ يحتوي على كلِّ وحداتِ البناء الأساسيّة لإنتاجِ RNA، DNA، والبروتينات والأغشية، والّتي هي موادُّ الخام لبناء الخليّة. كما أسلفنا القَولَ، فالحديثُ يدُورُ عَن نظريّةٍ لا يمكن إثباتُها بالوسائل الموجودة اليوم, يعرِضُ الفيلمُ نظريّةً واحدةً فقط من جُملَةِ النَّظريّات.
اِنتبهوا إلى وتيرة تقدّم أحداث الفيلم كدالّة للزّمن، فهي في انخفاضٍ بوتيرة أُسِّيَّةٍ (لوغريثميّة)، والسّبب هو أنّ وتيرة تطوّر الحياة في ارتفاع، ولذلك لا يمكن عرضُ الزّمن بدالّة خطيّة. خلال الأربعة ملياردات سنةٍ الأولى، وبسبب الشّروط الصّعبة، كانَ تطوُّرُ الحياةِ بطيئًا جدًّا، لكن خلالَ الانفجارِ الكمبريانيّ، حَدَثَ تسارُعٌ واضِحٌ لوجود شُروطٍ حياتيّة ملائِمَةٍ أكثر. إنّ الفترةَ الّتي تطوّر فيها الإنسان، ما هي إلّا فترةٌ قصيرة جدًّا مقارنةً بتطوّر الحياة بمقدار ثانيةٍ من يومٍ كاملٍ.
في المرحلة الأولى- تكوّن جزيءٌ قادِرٌ على مضاعفَةِ نفسِهِ، يُقدَّرُ أنّ هذا الجزيء هو RNA وليس DNA كما يعرضُ الفيلم. لفترة طويلة استُخدِمَ الـRNA كمادّة وراثيّة تُضَاعِفُ نفسَهَا، وكمادّةٍ تحفِّزُ التّفاعلاتِ الكيميائيّة- إنزيم. عمليًّا، حتّى يومنا هذا، يُوجَدُ عَدَدٌ من الإنزيمات تَدمِجُ في عَمَلِهَا عَنَاصِرَ مُهِمَّةً من RNA مثل الرِّيبوزوم. لاحقًا، استَبدَلَ الـDNA الـRNA كمادّة وراثيّةٍ بسبب ثباتِهِ. سمّيت هذه النّظريّة عالم الـRNA . لاحقًا، نجَحَ الجزيءُ الّذي يُضَاعِفُ نفسَهُ، في عَزلِ نَفسِهِ داخِلَ غِشاءٍ يحميهِ مِنَ البيئة، ويُسَاعِدُهُ في توفير الشّروطِ اللاَّزِمَةِ لمضاعَفَةِ نفسِهِ. وهكذا، عَمَليًّا، ظَهَرَتِ الخليّة الأُولى.
المحطّة التّاليةُ هي تطوّر الخليّة ذاتِ النّواة، إذ إنّها تَحتوي على نواة وعُضَيَّاتٍ أُخرى محاطَةٍ بأغشيةٍ تَفصِلُها عن بعضها البعضِ، وتُتِيحُ تركيبًا ومعالجةً ناجِعَيْنِ لزلاليّات معقّدة، وكذلكَ فَصلَ فعاليّاتٍ مختلفة، وخَلقَ شُروطٍ مُثلَى لذلك. للميتوخوندريا والكلوروبلاستيد (عند النّبات) قصّة مثيرةٌ بحدِّ ذاتها. لكلِّ عُضَيّ منها يوجد DNA خاصٌّ به، يمكِّنُهُ من ترجمة ما يحتاجه من زلاليّات، مع أنّها تأخُذُ زُلاليّات من "الخارج" أيضًا. التّفسيرُ المقبولُ لهذا هُوَ ابتلاعُ طُحلُبٍ قَادِرٍ على التّركيب الضّوئيّ أو طُحلُبٍ يتنفَّسُ (ميتوخوندريا)، في الحقبة القديمة من قِبَل خليّة أُخرى. بدلًا من هضم المتوخوندريا/الكلوروبلاستيد دَاخِلَ الخليّة التي ابتلعتهما، فقد تمكّنا من البقاء، وطوّرَا علاقةً تبادليّة مع الخليّة المفترسة، وبدآ بالانقسام معها. أضافَتِ الميتوخوندريا والكلوروبلاستيدات للخلايا الّتي احتوتها أفضليّةً واضحةً في تحسين ميّزاتِ الطّاقةِ خاصّتها (إكساب عمليّة تركيب ضوئيّ و/أو تنفّس خلويّ). تسمّى هذه النّظريّة بالتّكافليّة.
المرحلة المهمّة القادمة هي إنتاجُ كائناتٍ عديدة الخلايا، تكونُ بسيطةً في البداية وبعد ذلك معقّدة. بعد حوالي مليارد سنة ظَهَرَت مَصَادِرُ كلِّ الأنواعِ الموجودة اليوم. عمليًّا، تسارَعَت سَيرُورَةُ تطوُّرِ الحياةِ بِشَكلٍ هائلٍ، واستغرَقَ ظُهُورُ الخليّة الأولى حوالي مليارد سنة، بعد ملياردَيْنِ إضافيّين مِنَ السّنين، ظَهَرَتِ الكائناتُ عَديدةُ الخلايا الأوّليّة، لكن بَعدَ ملياردٍ واحِدٍ مِنَ السِّنينَ، ظَهَرَ تنوّعٌ كَبيرٌ مِنَ الكائنات عَديدَةِ الخلايا من أَجنَاسٍ وأنواعٍ متعدّدة. وسبب ذلك هُوَ خَلقُ شُروطٍ تُتِيحُ إمكانيّة الحياة. لقد زَخَرَ الغِلافُ الجوّيُّ، في البدايَةِ، بِغازاتٍ سَامّةٍ عديدَةٍ، وانفجاراتٍ بركانيّة، وعَواصِفَ برقيّة وحامضيّة في المحيطِ القديم. لا تُتِيحُ هذه الشُّروطُ إمكانيّةَ الحياة، لكنّها تُنتِجُ موادَّ خام. عندما تشكّلتِ الخلايا الأولى، بَدَأَت بتغييرِ بيئتها من خلال إفراز موادَّ مختلفَةٍ منها الأُكسجين وثاني أُكسيد الكربون. أدَّت هذِهِ الحالةُ إلى تغيُّرٍ في تركيبة الغِلاف الجوّي وساهمت في تكوّن طبقَةِ الأوزون الّتي تصفِّي الأشعّة فوق البنفسجيّة القاتلة. عندَ اكتمالِ الشّروط، أي ِالبيئة الغنيّة بالأكسجين، وانعدام وجودِ الإشعاعات الخطرة، حَصَلَ ارتفاعٌ ملموسٌ في ظهور أنواعٍ جديدة.
تكوّنتِ الأنواعُ وَفقًا لقواعِدِ التَّطوُّرِ، وأهمّها البقاءُ للأكثر "ملاءَمَةً". لقَد تَطَوَّرَ تَنَافُسٌ على الموارد، وانقسمَتِ الأنواع ما بين مُفترِسِينَ ومُفترَسين، وبَدَأَ التَّفتيشُ على بيتِ التّنمية المثاليّ. أنتجَ هذا التّفتيشُ مَع قُوى التَّطوّر سُلالةً مِنَ الأنواع المختلفة: الأسماكَ، والبرمائيّاتِ، والزّواحِفَ، والطُّيُورَ، والثّديَّات. في المقابل، حَصَلَت 5 حالاتِ انقِرَاضٍ كبيرةٍ، أَدَّت إلى خَلطِ الأوراق من جديدٍ، مِمَّا أَتاحَ ازدِهَارَ أنواعٍ جديدة. اِنقراضُ الدّيناصورات (الخامس) ليسَ الأكبرَ، لكنّهُ الأكثرُ شهرةً. هنالك من يدّعي أنّ البيئة الّتي أنتجها الإنسانُ، هي الانقراضُ السّادِسُ، ويتجاوزُ في حجمه انقراضَ الدّيناصورات.